رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام

عقد رئيس مجلس الوزراء نواف سلام اجتماعًا موسعًا في السرايا لمناقشة شبكات الأمان الاجتماعي في لبنان، وذلك بدعوة من وزيرة الشؤون الاجتماعية، حنين السيّد، تحت عنوان: “المرحلة التالية من الإصلاح”.

وخلال الاجتماع، أشار الرئيس سلام إلى أن الحكومة الحالية تولّت مهامها في ظل تحديات محلية وإقليمية معقدة، بعد سنوات من الأزمات المتراكمة، التي بلغت ذروتها في السنوات الأخيرة مع الانهيار الاقتصادي، جائحة كوفيد-19، انفجار مرفأ بيروت، والحرب الإسرائيلية التي تسببت في دمار واسع ونزوح كبير. وأضاف: “نواجه اليوم أزمة اجتماعية عميقة، وقد تطرقتُ في إفطار السراي إلى الملفات الاقتصادية وأولوياتنا لاستعادة الثقة، أما اليوم فأودّ التأكيد على أهمية الملفات الاجتماعية، التي تُعدّ ضرورية للحفاظ على الاستقرار”.

وأوضح سلام أن معدلات الفقر في لبنان كانت مرتفعة قبل الحرب الإسرائيلية، حيث بلغت 44%، وأن الأطفال الصغار هم الفئة الأكثر تضررًا، مع تفاقم انعدام الأمن الغذائي وصعوبة الوصول إلى الرعاية الصحية. وأكد أن الحكومة التزمت في بيانها الوزاري بإرساء نظام شامل للحماية الاجتماعية وزيادة الإنفاق الاجتماعي، لضمان تحقيق العدالة الاجتماعية ودعم الفئات الأكثر ضعفًا.

كما شدد على أن الحكومة، بقيادة وزيرة الشؤون الاجتماعية، ستعمل على تفعيل اللجنة الوزارية الاجتماعية وتطبيق الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية، مع التركيز على تعزيز برامج استهداف الفقر، دعم ذوي الإعاقة، تأمين تغطية صحية مناسبة عبر مراكز الرعاية الأولية، وضمان الحد الأدنى من التعليم في المدارس الحكومية والمهنية. كذلك، ستسعى الحكومة إلى مساعدة الفقراء على الاندماج في سوق العمل من خلال برامج إدماج اقتصادي متكاملة.

وأشار إلى ضرورة إصلاح الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بحيث يتمكن المواطنون من الحصول على تقاعد كريم، مؤكداً أن هذه الإجراءات الاجتماعية الطموحة تتطلب دعماً كبيراً، خاصة مع تنفيذ إصلاحات اقتصادية قد تكون صعبة على بعض الشرائح. كما جدد التزام الحكومة بأقصى درجات الشفافية والمساءلة.

وختم سلام قائلاً: “النمو يجب أن يستند إلى مبادئ العدالة الاجتماعية والشمول، وكما أكدتُ سابقًا، فإن التزامي تجاه اللبنانيين هو العمل بجدّ لوضع جميع جهود الإصلاح على المسار الصحيح، لأن هذا هو السبيل الوحيد لتحقيق النمو والازدهار”.

من جهتها، استعرضت وزيرة الشؤون الاجتماعية، حنين السيّد، رؤية الوزارة لشبكات الأمان الاجتماعي، والتي تقوم على أربعة محاور رئيسية: توسيع الدعم النقدي المباشر، تعزيز الترابط بين الخدمات الاجتماعية، تطوير البنية التحتية المؤسسية، وتحسين التنسيق بين الجهات الفاعلة. وأكدت أن معدلات الفقر تفاقمت بعد الحرب الأخيرة، حيث يعاني الفقراء من انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية، مع ارتفاع معدلات الفقر بين الأطفال الصغار، الذين يحصلون على الحد الأدنى من الدعم عبر شبكات الأمان الاجتماعي.

كما طرحت السيّد سيناريوهات مختلفة لتوسيع شبكات الأمان الاجتماعي في المستقبل القريب، مشددة على التزام الحكومة بزيادة الإنفاق على الحماية الاجتماعية من موازنة الدولة. وأعلنت أن الوزارة ستقود هذه الورشة الإصلاحية بالتعاون مع مكتب رئيس الوزراء، وستعمل على تفعيل فريق عمل خاص بشبكات الأمان الاجتماعي لتحسين التنسيق بين الوزارات والشركاء الدوليين، إلى جانب تطوير الأنظمة الداخلية لوزارة الشؤون الاجتماعية ومراكز الخدمات الإنمائية. كما تعتزم اقتراح مشروع قانون لشبكات الأمان الاجتماعي لضمان استدامتها.

وشهد الاجتماع حضور عدد من السفراء، بينهم سفير قطر الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، السفير المصري علاء موسى، سفيرة الاتحاد الأوروبي ساندرا دي وال، سفيرة كندا ستيفاني ماكولوم، وسفير هولندا فرانك مولن، إضافة إلى ممثلين عن السفارات الألمانية، البريطانية، اليابانية، الإيطالية، الدنماركية، الفرنسية، والسويسرية. كما شارك ممثلون عن الأمم المتحدة، البنك الدولي، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إلى جانب منظمات دولية أخرى.

البحث