أثار إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب نيته عقد قمة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في العاصمة المجرية بودابست، عاصفةً من الجدل الدبلوماسي والقانوني، إذ يمثل اختيار الموقع تحدياً لوجستياً وسياسياً للرئيس الروسي الخاضع لمذكرة توقيف صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية.
ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة التليغراف البريطانية، يواجه بوتين معضلة في الوصول إلى المجر دون عبور أجواء دول أعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) أو موقّعة على نظام المحكمة، مثل رومانيا وصربيا وسلوفاكيا، التي تُلزمها الاتفاقية نظرياً باعتقاله إن دخل مجالها الجوي.
ألمانيا سارعت إلى مطالبة بودابست بتوقيف بوتين، فيما آثرت عواصم أوروبية أخرى الصمت لتجنّب الظهور بمظهر المعارض لمساعي السلام.
التقرير أشار إلى ثلاثة مسارات محتملة لوصول بوتين، جميعها صعبة:
الأول، الأقصر، يمر عبر بيلاروسيا وأوكرانيا، وهو مستحيل بسبب الحرب.
الثاني عبر بولندا وسلوفاكيا، ويُعدّ مستبعداً سياسياً بسبب دعم وارسو لكييف.
أما الثالث، الأطول، فيمتدّ عبر تركيا والبحر المتوسط وصولاً إلى صربيا ثم المجر، وتستغرق الرحلة ثماني ساعات، ويُرجَّح أن يكون الخيار الأنسب لتفادي أجواء الناتو مستفيداً من علاقات موسكو الوثيقة بأنقرة وبلغراد.
في المقابل، أكد وزير الخارجية المجري بيتر سيارتو أنّ بلاده “ستضمن دخول بوتين وخروجه الآمن”، مشدداً على أن المجر “دولة ذات سيادة لا تحتاج إذناً من أحد لاستقبال زعيم أجنبي”.
وكان ترامب قد أعلن موافقته على عقد القمة خلال الأسبوعين المقبلين، بينما أجرى رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان اتصالات مع كل من ترامب وبوتين لمتابعة التحضيرات، مؤكداً أن اللقاء سيتركّز على “السلام في أوكرانيا”.
المجر، التي تعمل على الانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية، تجد نفسها مجدداً في قلب العاصفة الأوروبية، إذ تتّهمها بروكسل بالانحياز إلى موسكو، فيما يدعو أوربان إلى “فتح قنوات دبلوماسية” مع روسيا، منتقداً ما وصفه بـ”موقف الاتحاد الأوروبي المؤيد للحرب”.
وفي الوقت الذي يستعد فيه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لزيارة البيت الأبيض للمطالبة بدعم عسكري إضافي يشمل صواريخ بعيدة المدى، يراهن ترامب على أن لقاء بودابست قد يفتح باب تسويةٍ جديدة بين موسكو وكييف — ولو تطلّب الأمر رحلة محفوفة بالمخاطر على ارتفاع ثلاثين ألف قدم.