في ظل القيود الأميركية المشددة التي تمنعها من الوصول إلى أحدث تقنيات أشباه الموصلات، تسارع الصين جهودها لتطوير منظومتها المحلية في مجال رقائق الذكاء الاصطناعي. وتعوّل بكين بشكل كبير على شركاتها العملاقة مثل “هواوي” لسد الثغرات في سلاسل التوريد.
ورغم التقدم الملحوظ، تُشير التقارير إلى أن الطريق لا يزال طويلاً، إذ تواجه الصين نقصًا في عدة عناصر أساسية، بدءًا من معدات التصنيع المتطورة وصولاً إلى رقائق الذاكرة عالية الأداء. في الوقت الذي تهيمن فيه شركة “إنفيديا” على سوق وحدات معالجة الرسومات (GPU) المخصصة للذكاء الاصطناعي، تحاول “هواوي” عبر ذراعها HiSilicon تقديم بديل محلي عبر شريحة Ascend 910C، التي تُعد أحدث ابتكارات الصناعة الصينية في هذا المجال.
وتشير التقييمات إلى أن أداء هذه الشريحة أصبح قريبًا من شريحة H20 التي طورتها “إنفيديا” خصيصًا للسوق الصينية لتجاوز القيود الأميركية. إلا أن التحدي الأكبر لا يكمن فقط في التصميم، بل يتعداه إلى عمليات التصنيع.
فالعديد من الشركات الصينية، وعلى رأسها “SMIC”، لا تزال متأخرة مقارنةً بمصنعي الشرائح العالميين مثل “TSMC” التايوانية. وبينما نجحت “SMIC” في إنتاج شرائح بدقة 7 نانومتر، إلا أن إنتاجها بكميات كبيرة وبكلفة فعالة يظل تحديًا معقدًا، خاصة بسبب غياب المعدات الضرورية التي تصنعها شركة ASML الهولندية، والتي تخضع لضوابط تصدير صارمة من الولايات المتحدة.
وتُمنع الصين من استيراد معدات الطباعة الحجرية المتقدمة EUV، وهي معدات حيوية لتصنيع شرائح متطورة على مستوى 3 نانومتر. ورغم جهود “هواوي” لتطوير بدائل محلية عبر شركات مثل “SiCarrier”، إلا أن الخبراء يتوقعون أن الوصول إلى مستوى المنافسة العالمية قد يستغرق سنوات أو حتى عقودًا.
كما تواجه الصين نقصًا حادًا في شرائح ذاكرة HBM الأساسية لتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي، مع سيطرة شركات مثل “SK Hynix” و”سامسونغ” و”مايكرون” على هذا السوق، والتي بدورها تتأثر بقرارات واشنطن.
وقد لجأت الصين إلى الاعتماد محليًا على شركة CXMT لإنتاج هذه الشرائح، كما دخلت شركة “Tongfu Microelectronics” مجال تغليف واختبار الرقائق في محاولة لبناء منظومة متكاملة تدعم الصناعة المحلية.
ويرى الخبراء أن القيود الأميركية، رغم هدفها في الحد من الطموحات التكنولوجية الصينية، كانت في الوقت نفسه دافعًا لتسريع جهود الصين في بناء بدائل وطنية قوية. فقد قال بول تريولو، نائب رئيس شركة DGA-Albright Stonebridge Group، إن الإجراءات الأميركية “حفّزت القطاع المحلي على الرغم من التحديات، مما دفع شركات مثل هواوي إلى مضاعفة جهودها”.
وعلى الرغم من أن الصين لا تزال تفتقر إلى التقنيات المتقدمة التي تمكنها من منافسة الولايات المتحدة بشكل مباشر في سباق الذكاء الاصطناعي، إلا أن مؤشرات التقدم واضحة، خصوصًا في مجالات التصميم والتطوير.