مستشفى

في مشهد مأساوي أثار صدمة الشارع المصري، لفظ والد ستة أطفال أنفاسه الأخيرة بعدما فقد أبناءه الواحد تلو الآخر خلال أسبوع، في واقعة غامضة شهدتها قرية دلجا بمحافظة المنيا جنوبي مصر، قبل أن تكشف التحقيقات عن مفاجأة صادمة: تسمم جماعي بمبيد حشري نادر وقاتل لا يوجد له ترياق.

البداية: أعراض غامضة وموت متتالٍ

كل شيء بدأ في 11 يوليو، حين توفي أول طفل من الأسرة، تلاه شقيقاه في نفس الليلة، ثم لحق بهم آخرون تباعًا، حتى وصلت الحصيلة إلى وفاة 6 أطفال أشقاء، قبل أن يصاب والدهم لاحقًا بالأعراض ذاتها، ويلقى حتفه هو الآخر.

ورغم تعدد الفرضيات في البداية، أبرزها الاشتباه في الالتهاب السحائي أو مرض معدٍ، إلا أن تحقيقات وزارة الصحة نفت وجود أي أمراض وبائية أو فيروسية، بعدما أجرت تحاليل شاملة وزيارات ميدانية للمنطقة.

المفاجأة: مبيد كيميائي نادر

التحقيقات التي أشرفت عليها النيابة العامة المصرية، إلى جانب تقارير طبية حديثة، كشفت أن الأطفال تعرضوا إلى تسمم كيميائي بمبيد حشري جديد يُدعى علميًا “كلورفينبير” (Chlorfenapyr)، وهو مركب قاتل لا يتأثر بالغليان، ويمكن أن يظل سامًا حتى داخل الطعام المطهو.

ووفق الدكتور محمد إسماعيل، أستاذ السموم بطب المنيا، فإن المادة لا يوجد لها ترياق معروف على مستوى العالم، والحالات المسجلة عالميًا بالإصابة بها تعد نادرة جدًا، مشيرًا إلى أنها تسبب فشلًا تدريجيًا في وظائف الأعضاء، ثم الوفاة.

تسلسل الوفيات يوضح قوة السم

وأوضح الأطباء أن الاختلاف في توقيت الوفيات بين الأطفال كان نتيجة لقدراتهم الجسدية المختلفة على مقاومة السم، حيث توفي الأصغر سناً أولاً، بينما استمر الأكبر سناً فترة أطول، وكان آخرهم الأب، الذي تمكن جسده من المقاومة لفترة أطول بسبب البنية الجسدية.

ما مصدر السم؟

حتى الآن، لا تزال التحقيقات جارية لمعرفة كيفية وصول هذا المبيد إلى الطعام أو المنزل، وهل هناك شبهات جنائية وراء ما حدث، أم أن الأمر مجرد حادث تسمم عرضي ناتج عن استخدام غير واعٍ للمبيدات.

هل يمكن تفادي الكارثة؟

المأساة تفتح الباب أمام أسئلة خطيرة عن سهولة تداول المبيدات في الأسواق، خصوصًا الأنواع الجديدة والقاتلة منها، دون رقابة صارمة أو توعية كافية حول مخاطرها، ما يُعيد طرح مسألة سلامة الغذاء وتخزين المواد الكيميائية داخل المنازل.

البحث