الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان

من قصره المزخرف في أبوظبي، يتابع الشيخ طحنون شخصيًا تطور نماذج اللغة الكبيرة (LLM) عبر لوحة تحكم تم تصميمها خصيصًا له من قبل الباحثين، ويمكنه الوصول إليها عبر هاتفه المحمول وحاسوبه الشخصي.

في عالم يتطور فيه الذكاء الاصطناعي (AI) بسرعة هائلة، تبرز دولة الإمارات العربية المتحدة كلاعب رئيسي في هذا المجال، مدفوعة برؤية وطموحات الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، نائب حاكم أبوظبي ومستشار الأمن الوطني. بفضل إدارته الاستراتيجية واستثماراته الضخمة، يسعى الشيخ طحنون إلى تحويل الإمارات إلى مركز عالمي لتطوير وتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي.

استثمارات طموحة في الذكاء الاصطناعي

يشرف الشيخ طحنون على صندوقين سياديين تبلغ أصولهما حوالي 1.4 تريليون دولار، بالإضافة إلى إدارة ثروة شخصية ضخمة. في إطار مشروعه الطموح، يقود مبادرة MGX، وهو صندوق استثماري جديد سيحصل على تمويل يتجاوز 50 مليار دولار لدعم الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى استثمارات ضخمة عبر شركة Group 42 التي يمتلكها ويديرها.

في تحقيق موسع، كشف “وول ستريت جورنال” أن الشيخ طحنون لعب دورًا رئيسيًا في جذب كبار قادة الشركات التقنية العالمية في الأشهر الأخيرة. فقد التقى مع المديرين التنفيذيين لشركات مثل آبل ومايكروسوفت و بلاكروك، وزار مصنع تسلا في تكساس برفقة إيلون ماسك. هذه اللقاءات تعكس التأثير المتزايد للإمارات على الساحة العالمية للاستثمار في الذكاء الاصطناعي.

تحويل الإمارات إلى مركز عالمي للذكاء الاصطناعي

وأضافت الصحيفة أن رؤية الشيخ طحنون لا تقتصر على الاستثمارات المالية فقط. هدفه هو تحويل أبوظبي إلى مركز عالمي للذكاء الاصطناعي، مع بنية تحتية متطورة تشمل مصانع للشرائح الإلكترونية ومراكز بيانات حديثة. كما تخطط الإمارات لجذب المواهب الدولية المتخصصة في الذكاء الاصطناعي وتعزيز دورها كشريك استراتيجي للشركات التكنولوجية الكبرى.

يستخدم الشيخ طحنون أدوات تكنولوجية متقدمة لمتابعة تطور الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك لوحة تحكم رقمية مصممة خصيصًا لمراقبة أداء نماذج الذكاء الاصطناعي على المستوى العالمي. كما يشجع على تبني هذه التقنيات في شركاته المختلفة، مما يسرع من تقدم الإمارات التكنولوجي.

وفقًا لـ “وول ستريت جورنال”، يتابع الشيخ طحنون من قصره في أبوظبي تطور نماذج اللغة الكبيرة (LLM) عبر هذه اللوحة الرقمية، ويحث القادة في إمبراطوريته الاقتصادية على دمج الذكاء الاصطناعي بسرعة في أعمالهم.

براد سميث، رئيس مايكروسوفت، الذي يتعاون عن كثب مع الشيخ منذ عام 2023، قال إن الشيخ طحنون يمتلك “الرأسمال اللازم للاستثمار في طموح سريع للغاية”.

خلال اجتماع مع الشيخ طحنون، ناقش مع ساتيا ناديلا، الرئيس التنفيذي لمايكروسوفت، كتابًا للكاتب جيفري دينغ، أستاذ في جامعة جورج واشنطن، الذي ذكر أن الذكاء الاصطناعي قد يكون مفتاح المرحلة المقبلة من النمو الاقتصادي العالمي.

على الفور، سجل الشيخ طحنون هذه الإشارة في مفكرته. وبعد وقت قصير، بينما كان دينغ يتناول الغداء في مكتبه بواشنطن، طرق أحد ممثلي سفارة الإمارات باب مكتبه وقال له: “لم أتمكن من العثور على كتابك في أي مكتبة. هل يمكنني الحصول على نسختين؟”، كما يتذكر سميث.

روح تنافسية واهتمامات متنوعة

بينما يتولى شقيقه العلاقات الدبلوماسية وتحويل اقتصاد أبوظبي، يكرس الشيخ طحنون وقته لأنشطته الخاصة.

وهو مولع بالمنافسة، وقد وقع في حب لعبة الفيديو “Age of Empires”، لدرجة أنه قام بتوظيف موظف من الشركة التي طورتها ليعلمه أفضل الاستراتيجيات.

كما حول أحد قصوره في مجمعه الملكي إلى صالة رياضية ويموّل واحدة من أفضل فرق الدراجات في العالم، “UAE Team Emirates”. يمارس هو نفسه ركوب الدراجات في جزيرة قريبة من القصر الرئاسي، التي تحتوي على مسارات مخصصة. وقد دفعه شغفه بالدراجات الخفيفة جدًا من ماركة “Colnago” إلى طلب شراء هذه العلامة التجارية الإيطالية.

استثمر الشيخ طحنون أيضًا بشكل كبير في تطوير “الجيجيتسو البرازيلية” وأشكال أخرى من المصارعة. ويقول بوبي رازاق، مخرج فيلم وثائقي عنه، إنه أطلق بطولة ممولة بشكل كبير، أصبحت “ما يعادل الألعاب الأولمبية في رياضتنا”.

“هو بلا شك أحد الآباء المؤسسين لفنون القتال المختلطة”، يضيف رازاق، مؤكداً أن هذه الرياضة “لن تكون كما هي اليوم بدون وجوده”.

اهتمام طويل الأمد بالذكاء الاصطناعي

بدأ اهتمام الشيخ طحنون بالذكاء الاصطناعي في أوائل العقد الأول من الألفية، عندما أصبح مولعًا بلعبة الشطرنج المدعومة بالحاسوب. فقام بتوظيف فريق من المهندسين لتطوير “Hydra”، برنامج قادر على منافسة أفضل لاعبي الشطرنج في العالم.

يتذكر أردوغان غونيش، متخصص في الشطرنج المدعوم بالحاسوب، المكالمات الهاتفية اليومية التي كانت تستمر لأكثر من ساعتين مع الشيخ، حيث كانا يحللان معًا مباريات “Hydra”.

في عام 2017، تعزز اهتمامه بالذكاء الاصطناعي عندما اكتشف أن “AlphaZero”، البرنامج الذي طورته جوجل، قد تجاوز أفضل برنامج شطرنج في العالم بعد أربع ساعات فقط من تعلم قواعد اللعبة. كان هذا البرنامج أقوى بكثير من “Hydra”، مما أظهر للشيخ طحنون الإمكانيات الهائلة للذكاء الاصطناعي، حسب ما ذكر موظفوه.

في العام التالي، قام بتوظيف بينغ شياو، المدير السابق للتكنولوجيا في شركة “MicroStrategy”، لإطلاق “G42″، وهي شركة متخصصة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي.

في ذلك الوقت، كانت إدارة ثروة أبوظبي واستراتيجيتها الاقتصادية تحت إشراف شقيقه، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ محمد بن زايد. وكان قد قرر استثمار جزء من إيرادات النفط في التنوع الاقتصادي، مما وضع الأساس لصندوق الثروة السيادي الذي أصبح اليوم تحت إدارة الشيخ طحنون.

منذ فترة طويلة، كان الشيخ محمد يعتبر التكنولوجيا جزءًا أساسيًا من هذا التحول. وفي عام 2017، أطلق استراتيجية وطنية لوضع الإمارات في صدارة العالم في مجال الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2031 (قبل أن يتم تعديل الهدف ليصبح “موقع القيادة العالمية”).

البحث