شهدت إيران في يونيو 2025 واحدة من أعنف الضربات العسكرية في تاريخها الحديث، حين استهدفت غارات إسرائيلية متزامنة مقاراً عسكرية وأمنية عليا، وأسفرت عن مقتل نحو 40 قيادياً من النخبة داخل “الحرس الثوري” وهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة. الضربة التي بدأت فجر 13 يونيو، بعد إعلان وقف لإطلاق النار دام 12 يوماً، أصابت رأس الهرم القيادي في المؤسسات العسكرية والأمنية الإيرانية بهزة غير مسبوقة.
من أبرز القتلى كان القائد العام لـ”الحرس الثوري” حسين سلامي، الذي مثّل الوجه الآيديولوجي المتشدد للنظام الإيراني، واللواء محمد باقري رئيس هيئة الأركان، إضافة إلى كبار ضباط الاستخبارات، وسلاح الجو، والوحدات الصاروخية. وقد طالت الضربات مقر هيئة الأركان ومقر القيادة المركزية لـ”الحرس الثوري”، ما فتح الباب على تحولات محتملة في توازنات القوة داخل المؤسسة الحاكمة.
رغم حجم الخسائر، لم تتوقف طهران عن تنفيذ هجمات مضادة، وإن كانت بوتيرة محدودة وبأساليب جديدة بعد تدمير قواعد صاروخية ومنظومات دفاع جوي.
وتكشّف لاحقاً أن إسرائيل نجحت، وفق مصادرها، في اختراق البنية القيادية، ودفع قادة إلى التجمع في موقع محدد تم استهدافه بدقة، ما أدى إلى مقتل أمير العميد علي حاجي زاده، قائد الوحدة الصاروخية، وعدد من مساعديه.
طالت الضربات أيضاً نخبة من العقول الأمنية، مثل محمد كاظمي رئيس استخبارات “الحرس”، المعروف بلقب “صائد الجواسيس”، ومحسن باقري، نائب قائد استخبارات “فيلق القدس”، الذي كان يعمل سابقاً كقنصل في البصرة.
وشملت قائمة القتلى قيادات لعبت أدواراً محورية في دعم الجماعات المسلحة في المنطقة، من بينهم محمد سعيد إيزدي، المشرف على ملف فلسطين في “فيلق القدس”، وبهنام شهرياري، قائد وحدة تهريب الأسلحة.
وفي قطاع الطائرات المسيّرة، قُتل كل من محمد باقر طاهربور، وأمين بورجودكي، قائدا وحدات الدرون في “الحرس”، بينما قُتل داوود شيخيان، قائد الدفاعات الجوية، ومسعود طيب ومحمود باقري، كبار ضباط التنسيق العملياتي.
هذه الضربات، التي امتدت من طهران إلى مواقع عسكرية متقدمة، تُمثّل اختراقاً نوعياً لهيكل النظام الإيراني، وتطرح تساؤلات حول مستقبل القيادة العسكرية، وقدرة النظام على تعويض الفراغ، وإعادة تنظيم بنيته الأمنية والعسكرية وسط تحديات إقليمية متزايدة.