كشفت دراسة حديثة أن قياس التغيرات في أنماط التنفس وتزويد الدماغ بالأوكسجين قد يساعد في الكشف المبكر عن مرض ألزهايمر، مما يساهم في تحسين التشخيص والعلاج.
وقام الباحثون في جامعة لانكستر في المملكة المتحدة وجامعة ليوبليانا في سلوفينيا بدراسة، حيث نُشرت نتائجها في مجلة “برين كومينكيشنز” (Brain Communications) في 3 شباط الجاري، وكتب عنها موقع صحيفة “الإندبندنت”.
ويعتبر مرض ألزهايمر أحد أنواع الخرف التي تؤثر على الذاكرة والتفكير والسلوك والقدرات المعرفية، ويزداد تفاقمه مع مرور الوقت. في مراحله المبكرة، يكون فقدان الذاكرة طفيفًا، بينما في المراحل المتقدمة، يفقد المصابون القدرة على التحدث والتفاعل مع الآخرين. في المتوسط، يعيش المصابون بالمرض بين 4 إلى 8 سنوات بعد التشخيص، ولكن يمكن أن تصل بعض الحالات إلى 20 عامًا، حسب عوامل متعددة.
وتلفت الدراسة إلى أن التغيرات في تدفق الأوكسجين إلى الدماغ قد تساهم في التنكس العصبي (تدهور الخلايا العصبية)، وهو ما يؤدي إلى الإصابة بمرض ألزهايمر.
وأوضح الدكتور برنارد ميجليتش من جامعة ليوبليانا في سلوفينيا قائلًا: “تعمل الخلايا العصبية والأوعية الدموية معًا لضمان حصول الدماغ على الطاقة الكافية. يحتاج الدماغ إلى حوالي 20% من إجمالي استهلاك الطاقة في الجسم، رغم أن وزنه لا يتعدى 1.4 كجم، أي ما يعادل 2% من وزن الجسم.”
وركز الباحثون في دراستهم على فحص تأثير التغيرات في “الوحدة العصبية الوعائية” في الدماغ، وهي مكونة من الأوعية الدموية المتصلة بالخلايا العصبية عبر خلايا الدماغ المعروفة بالخلايا النجمية، على تطور مرض ألزهايمر.
وأضافت الدكتورة أنيتا ستيفانوفسكا، عالمة الفيزياء الحيوية من جامعة لانكستر، التي شاركت في الدراسة، “يمكننا الافتراض أن مرض ألزهايمر قد ينتج عن نقص التغذية المناسبة للدماغ عبر الأوعية الدموية.”
لاختبار وظيفة الوحدة العصبية الوعائية، قام الباحثون بتوصيل مجسات كهربائية وبصرية بفروة الرأس لقياس تدفق الدم والنشاط الكهربائي والأوكسجين في الدماغ، بالإضافة إلى مخطط القلب الكهربائي (ECG) وحزام حول الصدر لمراقبة معدل ضربات القلب والتنفس.
من خلال تسجيل هذه القياسات والمؤشرات في وقت واحد، تمكن الباحثون من تتبع الإيقاعات الفسيولوجية الطبيعية لجسم الإنسان وتوقيتاتها غير الكاملة. ووجدوا أن الأداء الفعّال للدماغ يعتمد على تنسيق هذه الإيقاعات بشكل مثالي.
ومن المفاجئ أن الدراسة أظهرت أن معدل التنفس أثناء الراحة كان أعلى بشكل ملحوظ لدى الأشخاص المصابين بألزهايمر. حيث أظهرت المقارنة بين مجموعتين من نفس العمر، إحداهما لمصابين بالمرض والأخرى لأشخاص أصحاء، أن معدل التنفس في المجموعة السليمة كان حوالي 13 نفسًا في الدقيقة، بينما ارتفع في المجموعة المصابة إلى 17 نفسًا في الدقيقة.
وقالت الدكتورة أنيتا “هذا اكتشاف مثير للاهتمام.. يمكن أن يتيح سبلا وعالما جديدا تماما في دراسة مرض ألزهايمر”.
وأضافت “من المحتمل أن يشير هذا الاكتشاف إلى وجود التهاب، ربما في الدماغ، والذي بمجرد اكتشافه يمكن علاجه على الأرجح، وربما يمكن منع الإصابة بحالات ألزهايمر الشديدة في المستقبل”.
وقال الباحثون إن النتائج قد تسفر عن أهداف دوائية واعدة لعلاجات مستقبلية لمرض ألزهايمر.
وختمت الدكتورة أنيتا “أظهرنا نتائج واضحة لنهجنا وكيف يمكن اكتشاف مرض ألزهايمر ببساطة ومن دون تدخل جراحي وبطريقة غير مكلفة. تتمتع هذه الطريقة بإمكانات كبيرة، إلا أنه بالطبع هناك حاجة إلى مزيد من البحث”.