وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي

أثارت دعوة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يوم أمس، لدول الترويكا الأوروبية (بريطانيا، ألمانيا، فرنسا) للحوار بشأن الملف النووي، اهتمام المحللين السياسيين. البعض منهم يرى أن إيران تسعى للاستفادة من زخم المفاوضات النووية الجارية مع الولايات المتحدة، التي ستُعقد جولتها الثالثة في سلطنة عمان يوم السبت المقبل، كما أفادت وكالة “رويترز”.

ويعتقد المراقبون أن طهران تسعى من خلال هذه الدعوة إلى إبقاء خياراتها مفتوحة في حال عدم التوصل لاتفاق مع واشنطن، خصوصاً في ظل زيارة عراقجي الأخيرة إلى حليفي بلاده روسيا والصين. لذلك، يشير التواصل مع القوى الأوروبية التي شاركت في الاتفاق النووي لعام 2015 إلى أن إيران تحافظ على خياراتها، خاصة مع وجود “آلية العودة السريعة للعقوبات” التي قد تشكل ضغطًا عليها.

من ناحية أخرى، لا يزال التواصل بين إيران والدول الأوروبية مستمرًا على المستوى الفني. منذ سبتمبر الماضي، عقدت طهران اجتماعات مع الترويكا الأوروبية لمناقشة القضايا النووية والعلاقات الثنائية. وكان آخر اجتماع على المستوى الفني في مارس 2025، حيث تمت مناقشة شروط اتفاق مستقبلي يتضمن تقليص البرنامج النووي الإيراني مقابل رفع العقوبات. ورغم محاولات الأوروبيين لعقد اجتماع جديد مع إيران، فقد توقفت هذه المساعي بعد بدء المحادثات غير المباشرة بين طهران وإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل أسبوعين.

وفي تصريح له، أكد كريستوف لوموان، المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، أن الترويكا الأوروبية تفضل الحوار مع إيران لكنها تشدد على ضرورة أن تظهر طهران جدية في مفاوضاتها. وقال في مؤتمر صحافي: “الحل الوحيد هو الحل الدبلوماسي، وعلى إيران أن تلتزم بشكل جاد في هذا المسار”، مؤكدًا أن الترويكا الأوروبية ستواصل محادثاتها مع إيران.

الغرب يشتبه في نية إيران السعي نحو امتلاك أسلحة نووية، مما يجعل الدول الأوروبية تتمسك بآلية “العودة السريعة للعقوبات” المدرجة في اتفاق 2015. ويعتقد الدبلوماسيون أن التهديد بإعادة فرض العقوبات يشكل ضغطًا على طهران لتقديم تنازلات، وهو ما يستدعي مناقشات تفصيلية بين الأميركيين والأوروبيين. وفي ظل انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، فإنها لا تستطيع تفعيل “العودة السريعة للعقوبات” في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، مما يضع الترويكا الأوروبية في موقع القدرة على تفعيل هذه الآلية.

وبحسب مصادر دبلوماسية، يتطلع مسؤولو الترويكا الأوروبية إلى تفعيل هذه الآلية بحلول تموز المقبل بدلاً من الموعد الذي كان محددًا في يونيو، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق جوهري. علماً أن هذه الفرصة تنتهي في 18 تشرين الأول مع انتهاء سريان اتفاق 2015.

وفي هذا السياق، لم تبلغ الولايات المتحدة الدول الأوروبية عن المحادثات النووية في عمان قبل الإعلان عنها من قبل ترامب، رغم أن هذه الدول تمثل عاملاً رئيسيًا في احتمال إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على طهران. ولكن، أشار دبلوماسيون أوروبيون إلى أن مايكل أنطون، كبير المفاوضين الأميركيين في الشؤون الفنية، قد قدم إحاطة للدبلوماسيين من الترويكا الأوروبية في باريس في 17 نيسان، مما يشير إلى تحسن التنسيق بين الأطراف.

من المتوقع أن تشهد سلطنة عمان يوم السبت المقبل الجولة الثالثة من المحادثات بين عراقجي والمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، بعد اجتماعات سابقة وصفها الطرفان بأنها كانت بناءة.

البحث