مرض السكري

بدأ مرضى في بريطانيا بالحصول على علاج جديد لمرض السكري من النوع الأول يُعدّ بمثابة تحول جذري في التعامل مع هذا المرض المزمن، إذ يُمكنه تأخير ظهور الأعراض لعدة سنوات، بل وربما يؤدي إلى الاستغناء عن الأنسولين بشكل نهائي.

ووفقًا لتقرير نشره موقع Science Alert ونقلته “العربية.نت”، فإن العلاج الجديد المسمى “تيبليزوماب” (Teplizumab)، يغيّر من المفهوم الطبي السائد حول السكري، إذ لا يكتفي بإدارة المرض كما هو معتاد، بل يتدخل لمنع ظهوره من الأساس.

وقد بدأت أول مريضة بالغة في بريطانيا، تُدعى هانا روبنسون، بتلقي هذا الدواء الجديد في مستشفى “رويال ديفون” التابع لهيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية، بعد أن اكتُشف إصابتها المبكرة بالسكري من النوع الأول بالصدفة خلال فحص روتيني أثناء الحمل.

ويُعد السكري من النوع الأول حالة مناعية ذاتية، حيث يهاجم جهاز المناعة خلايا البنكرياس المنتجة للأنسولين، مما يؤدي إلى توقف الجسم عن إنتاجه، وارتفاع مستويات السكر في الدم، ما يزيد من مخاطر الإصابة بأمراض خطيرة مثل العمى والفشل الكلوي، بل والموت المبكر.

ويُشكل المصابون بالنوع الأول حوالي 10% من مرضى السكري عالميًا، بينما يُمثل النوع الثاني النسبة الأكبر، ويرتبط غالبًا بنمط الحياة، حيث لا يتوقف إنتاج الأنسولين بل يُفقد تأثيره الفعّال.

وعلى الرغم من أن النوع الأول يُشخّص غالبًا في الطفولة، فإن أبحاثًا من جامعة “إكستر” البريطانية كشفت أن أكثر من نصف الحالات الجديدة تُسجل لدى البالغين.

وفي العادة، يحتاج مرضى السكري من النوع الأول إلى تناول الأنسولين يوميًا مدى الحياة. لكن “تيبليزوماب” يعتمد مقاربة مختلفة؛ فهو لا يُعوّض الأنسولين بل يستهدف الخلل المناعي الذي يؤدي إلى المرض، من خلال إعادة تدريب الجهاز المناعي على عدم مهاجمة البنكرياس.

وقد أظهرت الدراسات أن الدواء قادر على تأخير الحاجة إلى الأنسولين لمدة عامين إلى ثلاثة أعوام، مع أعراض جانبية طفيفة نسبيًا. وهو حاليًا معتمد في الولايات المتحدة، ويخضع للمراجعة لاعتماده ضمن الاستخدام الروتيني في بريطانيا.

لكن فعالية الدواء مرتبطة بتوقيت استخدامه؛ إذ يجب أن يُعطى في مرحلة مبكرة جدًا، قبل ظهور أعراض السكري، حين لا تزال مستويات السكر طبيعية، لأن معظم خلايا إنتاج الأنسولين تكون قد دُمرت بالفعل عند اكتشاف المرض سريريًا.

لذلك، يُعكف العلماء حاليًا على تطوير آليات فعّالة لاكتشاف الحالات في مراحلها الأولى، لتحديد من يمكنه الاستفادة من هذا العلاج الواعد، الذي قد يُحدث تحولًا نوعيًا في مستقبل التعامل مع السكري من النوع الأول.

البحث