في ظاهرة فلكية نادرة أدهشت العلماء والمراقبين حول العالم، رصد علماء الفلك عمودًا هائلًا من البلازما المتوهجة فوق سطح الشمس، أطلق عليه اسم “الوحش” نظراً لحجمه الضخم وشكله المتغير.
ظهر هذا البروز الشمسي العملاق يوم 12 يوليو على الحافة الشمالية الغربية للشمس، وامتد طوله إلى ما يزيد عن 165 ألف كيلومتر — أي ما يعادل 13 مرة قطر الأرض — قبل أن يبدأ بالانكماش بعد نحو ثلاث ساعات من التمدد والتغير المستمر.
وقد تم توثيق هذا الحدث النادر من قبل عدد من المصورين الفلكيين حول العالم، من بينهم النمساوي مايكل جيجر الذي التقط صوراً من بلدة مارتينسبورغ، والبريطاني سيمون ميتكالف من غلوسترشاير، بينما سجل ديفيد ويلسون من اسكتلندا فيديو كاملاً يُظهر كيف كانت هذه الكتلة البلازمية العملاقة تتشكل وتتغير، مما دفع البعض لتشبيهها بكائن ضخم بأربعة أرجل.
ويُعرف هذا النوع من الظواهر علمياً بـ”البروز الشمسي” (Solar Prominence)، وهي سحب هائلة من الغاز المتأين (البلازما) تثبتها المجالات المغناطيسية القوية فوق سطح الشمس. ورغم أن هذه البروزات ليست غير مألوفة، إلا أن حجم هذا البروز ووضوحه الاستثنائي جعله موضع اهتمام كبير للعلماء.
وأثناء مراقبة “الوحش”، رُصدت أيضاً ظاهرة أخرى تُعرف بـ”المطر الإكليلي” (Coronal Rain)، حيث تسقط كتل من البلازما بسرعة عالية نحو سطح الشمس، بعد أن تبرد فجأة وتتكاثف، فتظهر كأنها أمطار نارية تهطل على النجم.
وفي بعض الحالات، يمكن أن تتحول هذه البروزات إلى “انبعاثات كتلية إكليلية” (CME)، وهي انفجارات قوية تطلق سحباً ضخمة من الجسيمات المشحونة نحو الفضاء. وإذا صادف أن اصطدمت بالأرض، فقد تتسبب في عواصف جيومغناطيسية تعطل الأقمار الصناعية وأنظمة الاتصالات، لكنها في الوقت نفسه تولّد عروضاً مذهلة من الشفق القطبي.
ولحسن الحظ، لم تتسبب هذه الظاهرة في قذف أي عاصفة شمسية باتجاه الأرض. إلا أنه وخلال الأيام التالية، ظهرت بروزات أكبر حجماً، بعضها أطلق بالفعل انبعاثات كتلية، لكنها لم تكن موجهة نحو كوكبنا.
ويأتي هذا النشاط ضمن مرحلة اقتراب الشمس من ذروة دورتها الشمسية، التي تحدث كل 11 عاماً تقريباً، وتشهد فيها الشمس تزايداً في البقع والانفجارات الشمسية.
هذه المشاهد الكونية المبهرة لا تقتصر على إبهار العلماء وهواة الفلك فحسب، بل تذكّرنا أيضاً بقوة الشمس الهائلة وأهمية فهم تأثيراتها على تكنولوجيا الأرض، إلى جانب مساهمتها في فك أسرار العمليات الفيزيائية المعقدة التي تحدث على أقرب نجم إلينا.