رغم الانسحابات الجزئية التي نفّذتها القوات الإسرائيلية من بعض مناطق جنوب وشمال قطاع غزة خلال اليومين الماضيين، تتواصل العمليات العسكرية بوتيرة عنيفة، مخلفةً مزيداً من الضحايا في صفوف المدنيين، في وقت تشهد فيه مناطق واسعة من القطاع انهياراً شاملاً في الأوضاع الإنسانية.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة أن الساعات الأربع والعشرين الماضية شهدت سقوط 98 شهيداً و1079 جريحاً، ليرتفع العدد الإجمالي لضحايا العدوان الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر 2023 إلى 60,430 شهيداً و148,722 مصاباً. أما منذ استئناف العمليات العسكرية في 18 مارس الماضي، فسُجّل 246 شهيدًا و36,681 جريحًا.
وفي أحدث الغارات، قُتل ما لا يقل عن 40 فلسطينيًا، بينهم 12 مدنيًا كانوا ينتظرون المساعدات الغذائية، إثر قصف استهدف مناطق متفرقة من القطاع. كما قُصفت خيام نازحين في منطقة مواصي خان يونس، ما أودى بحياة خمسة مدنيين، بينما أسفرت غارتان في بلدة الزوايدة وسط القطاع عن مقتل خمسة آخرين.
وفي حادثة متكررة باتت تستهدف الجهود الإنسانية، استهدفت طائرة مسيّرة إسرائيلية عناصر من “المجموعات العشائرية” التي تتولى حماية المساعدات، في دوار التوام شمال غرب غزة، ما أدى إلى مقتل أربعة منهم. وهذه ثالث ضربة من نوعها خلال أيام، ليرتفع عدد الضحايا من هذه الفئة إلى 13 شخصًا، وسط استمرار أعمال النهب والسرقة للمساعدات التي يعجز المدنيون عن الوصول إليها.
وتُواجه فرق الدفاع المدني صعوبات كبيرة في انتشال جثامين الشهداء من أحياء شرق غزة، كـالزيتون والشجاعية والتفاح، بسبب إطلاق طائرات “كواد كابتر” الإسرائيلية النار على أي حركة، رغم انسحاب القوات البرية.
وفي سياق متصل، شهدت مناطق توزيع المساعدات موجة جديدة من الاستهداف، حيث قُتل 14 فلسطينيًا في شمال غربي رفح ومحيط محور نتساريم، إضافة إلى عدد من المدنيين سقطوا بقذيفة دبابة في منطقة النابلسي أثناء انتظارهم لشاحنات الإغاثة.
وتفاقمت الأزمة الغذائية، حيث أُعلن عن وفاة سبعة أشخاص بينهم طفل خلال 24 ساعة فقط، بسبب سوء التغذية، لترتفع حصيلة ضحايا المجاعة إلى 169 شهيدًا، من بينهم 93 طفلًا.
رغم ذلك، تتواصل جهود إسقاط المساعدات جوًا من قبل عدد من الدول العربية والدولية، وبلغ عدد الشاحنات التي دخلت القطاع خلال يومين 140 شاحنة، إلا أن معظمها تعرّض للنهب، باستثناء المساعدات الطبية التي نُقلت تحت حماية مشددة إلى المؤسسات الدولية.
وحذّرت جهات دولية والمكتب الإعلامي الحكومي في غزة من أن المساعدات لا تصل إلى مستحقيها، بسبب الانفلات الأمني والقصف المتواصل، في مشهد يُجسّد عمق الكارثة الإنسانية التي يعيشها القطاع المنكوب.