تستمرّ التباينات في محادثات وقف إطلاق النار في غزة، التي تُجرى في الدوحة، بعد إعلان حركة “حماس” موافقتها على “مقترح لاستئناف المفاوضات” وإطلاق سراح مواطن أميركي حي، بينما اتهمت حكومة بنيامين نتنياهو الحركة بـ”التلاعب” ورفض مقترح المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، الذي يسعى إلى تمديد المرحلة الأولى من الهدنة.
وقد يؤدي هذا التطور، الذي جاء بعد أيام من المحادثات في الدوحة بمشاركة ويتكوف، إلى أن “المفاوضات قد تؤدي إلى هدنة أوسع”، بحسب خبراء تحدثوا لـ “الشرق الأوسط”. وأوضحوا أن “المقترح الحالي ما زال في طور المشاورات”، وأنه قد لا يؤدي إلى الانتقال المباشر للمرحلة الثانية، بل إلى اتفاق شامل جديد.
وفي بيان صحافي، لفتت “حماس” يوم الجمعة إلى أنها تلقت “مقترحاً من الوسطاء لاستئناف المفاوضات” وتعاملت معه بإيجابية. وأضافت أنها وافقت على إطلاق سراح الجندي الأميركي عيدان ألكسندر وجثامين أربعة آخرين من مزدوجي الجنسية. وأكدت الحركة استعدادها التام للبدء في المفاوضات حول قضايا المرحلة الثانية، لكنها لم تتخذ موقفاً حاسماً بشأن مقترح ويتكوف الذي كانت قد أثيرت حوله مناقشات في الأيام الماضية.
بدوره، اعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن إطلاق عيدان ألكسندر والجثامين الأربعة يمثل “أولوية للإدارة الأميركية”. وفي رد سريع، اتهم مكتب نتنياهو “حماس” بالرفض الكامل لمقترح ويتكوف، مشيراً إلى أنها تواصل التلاعب والحرب النفسية. كما أشار إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي عقد اجتماعاً مع الفريق الوزاري لمناقشة الخطوات القادمة للإفراج عن المختطفين.
وأشارت مصادر لموقع “أكسيوس” الأميركي إلى أن ويتكوف قدّم مقترحاً محدثاً لتمديد وقف إطلاق النار في غزة حتى 20 أبريل المقبل، مقابل الإفراج عن مزيد من المحتجزين واستئناف المساعدات الإنسانية.
وأوضح أستاذ العلوم السياسية طارق فهمي أنه “لم يعد الحديث عن الاتفاق الرئيس، بل أصبح التركيز على مفاوضات مرحلة جديدة قد تصل إلى اتفاق شامل”، مشيراً إلى أن المقترح يشمل هدنة تمتد لـ50 يوماً مع مراحل زمنية أخرى.
وحول هذه التطورات، أضاف فهمي أن “هناك عدة مسارات محتملة: الأول هو العودة إلى المفاوضات التي قد تظل محكومة بإطار عام بشأن المرحلة الثانية بعد الـ50 يوماً. الثاني هو بناء إجراءات ثقة، خاصة مع استمرار الحديث الإسرائيلي عن نزع سلاح “حماس” وعدم إعادة إعمار غزة في ظل وجودها”.
من جانبه, قال المحلل السياسي الفلسطيني إبراهيم المدهون أن “استئناف المفاوضات يمثل خطوة محورية نحو الانتقال إلى المرحلة الثانية التي يتوقع أن تفضي إلى وقف دائم لإطلاق النار، وانسحاب الاحتلال، وفتح المعابر، ورفع الحصار، وإعادة الإعمار”. ورأى أن استجابة “حماس” لطلب الإفراج عن الأسير الإسرائيلي مزدوج الجنسية “تُظهر مرونة سياسية تهدف إلى نجاح المرحلة الثانية وإحباط خطط نتنياهو لتجديد عدوانه على غزة”.
من المتوقع أن تبدأ “حماس” محادثات جديدة في القاهرة بشأن المفاوضات. وذكرت الحركة في بيان ثانٍ أنها أرسلت وفداً مفاوضاً إلى القاهرة لمتابعة تطورات الملف.
وتمسكت حركتا “حماس” و”الجهاد” في بيان مشترك بالبدء في تنفيذ المرحلة الثانية من المفاوضات وصولاً إلى اتفاق شامل. وفي الوقت نفسه، ناشد أعضاء “منتدى عائلات الأسرى الإسرائيليين” رئيس الوزراء الإسرائيلي بالضغط على الوفد لعدم العودة من الدوحة دون اتفاق على إطلاق سراح جميع المختطفين البالغ عددهم 59.
وفي ما يخض المستقبل، أشار المدهون إلى أن “من المبكر الجزم بسلوك إسرائيل في هذه المرحلة”، مرجحاً أن يتبع نتنياهو سياسة المماطلة لتحسين شروطه، إلا أن الضغط الأميركي قد يكون عاملاً حاسماً لإنهاء الحرب.