المفاوضات الروسية – الأوكرانية

رفضت موسكو الكشف عن تفاصيل مذكرة التفاهم التي أعدّتها بشأن رؤيتها لإنهاء الحرب في أوكرانيا، ما يزيد من حالة الغموض المحيطة بالجولة الثانية من المفاوضات الروسية – الأوكرانية المباشرة، والمقرر أن تُعقد في إسطنبول الاثنين المقبل، وفق ما أعلنت روسيا من طرف واحد.

وبينما تسعى موسكو لطرح رؤيتها خلال اللقاء، طالبت كييف بالاطلاع مسبقاً على الوثيقة الروسية قبل اتخاذ قرار بشأن المشاركة، مؤكدة أنها سلمت بالفعل مسودتها لمذكرة تفاهم إلى الجانب الروسي، وهو ما لم تؤكده موسكو.

وفي خطوة لافتة، توجّه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى واشنطن لحشد دعم لمقترح بلاده، وأبلغ نظيره الأميركي ماركو روبيو خلال مكالمة هاتفية، أن موسكو مستعدة لتقديم المذكرة خلال مفاوضات إسطنبول. وأكد أن الوثيقة تتناول “جميع الجوانب الضرورية لمعالجة جذور النزاع”، داعياً المجتمع الدولي إلى دعم مسار التفاوض.

لافروف شدد على أن الوفد الروسي، بقيادة فلاديمير ميدينسكي، جاهز لمناقشة تفاصيل المذكرة التي وصفها بأنها شاملة وتهدف إلى تسوية الأزمة “بشكل موثوق”. وفي المقابل، رفض الناطق باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، تسليم الوثيقة مسبقاً، معتبراً أن ذلك “غير بنّاء”، مشدداً على ضرورة الحفاظ على سرية المحادثات.

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان دعا الطرفين إلى إبقاء باب الحوار مفتوحاً، مؤكداً أهمية استغلال فرصة المفاوضات المقبلة لإنهاء النزاع، واصفاً الجهود بـ”الواجب الإنساني”.

من جهته، دعا وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إلى مفاوضات “بحسن نية”، مشيداً بتبادل الأسرى الأخير بين الجانبين، فيما عبّر الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن “خيبة أمله” من استمرار القصف الروسي تزامناً مع المساعي الدبلوماسية، لكنه رفض فرض عقوبات إضافية على موسكو في هذه المرحلة.

وفي الوقت الذي لا تزال فيه كييف تدرس إمكانية المشاركة، أعلن وزير الدفاع الأوكراني رستم عمروف أنه سلّم الجانب الروسي مذكرة تفاهم تمثل الموقف الأوكراني، مؤكداً استعداد بلاده لوقف إطلاق النار “الكامل وغير المشروط” إذا توفرت الإرادة السياسية.

تصعيد ميداني يواكب التحضيرات
على الأرض، واصل الجيش الروسي هجماته، معلناً عن إسقاط 48 مسيّرة أوكرانية خلال الليل، ثلاث منها استهدفت العاصمة موسكو. وأكدت وزارة الدفاع الروسية سيطرة قواتها على قرى جديدة في خاركيف ودونيتسك، في وقت يتواصل القصف المتبادل، وسط تقارير أوكرانية عن سقوط خمسة قتلى مدنيين خلال الـ24 ساعة الأخيرة.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أنهى زيارة سريعة إلى برلين التقى خلالها المسؤولين الألمان، في وقت نفت السفارة الأوكرانية أن يكون قد ألغى مشاركته في حفل جائزة شارلمان في آخن بسبب هجوم روسي وشيك، مؤكدة أن مشاركته لم تكن مؤكدة أساساً.

وبين الغموض السياسي والتصعيد العسكري، تبقى الجولة الثانية من المحادثات، إن عُقدت، اختباراً حاسماً لإمكانية إحياء المسار الدبلوماسي بين موسكو وكييف.

البحث