في مؤشر جديد على تصاعد الضبابية في الاقتصاد الأميركي، أظهرت بيانات معهد إدارة التوريدات (ISM) أن نشاط قطاع الخدمات شهد استقراراً غير متوقع في يوليو (تموز)، وسط تراجع في التوظيف وارتفاع حاد في تكاليف مستلزمات الإنتاج، ما يعكس حالة عدم اليقين التي تفرضها السياسات التجارية التصعيدية للرئيس دونالد ترمب.
فقد تراجع مؤشر “مديري المشتريات غير الصناعي” إلى 50.1 نقطة من 50.8 في يونيو، خلافاً لتوقعات المحللين التي رجحت ارتفاعه إلى 51.5 نقطة، ليُسجّل أدنى مستوياته هذا العام. وبينما تعني القراءة فوق 50 استمرار التوسع، فإن التراجع يعكس تباطؤاً في قطاع يمثل أكثر من ثلثي الاقتصاد الأميركي.
وتُعزى هذه التطورات جزئياً إلى الرسوم الجمركية المشددة التي فرضتها إدارة ترمب، إذ أبلغ البيت الأبيض شركاء تجاريين بفرض رسوم جديدة تتراوح بين 10% و41% على صادراتهم، ستدخل حيز التنفيذ في 7 أغسطس. وتشير تقديرات “مختبر الموازنة” في جامعة ييل إلى أن متوسط التعريفة الجمركية الأميركية بلغ الآن 18.3%، وهو الأعلى منذ عام 1934.
في السياق ذاته، تراجع مؤشر التوظيف في قطاع الخدمات إلى 46.4 نقطة، وهو الأدنى منذ مارس، كما سجل مؤشر الطلبات الجديدة هبوطاً إلى 50.3 نقطة، في وقت واصلت فيه طلبات التصدير الانكماش للشهر الرابع خلال خمسة أشهر.
وقد فاقم تقرير الوظائف الشهري الصادر الأسبوع الماضي القلق، بعدما كشف عن تباطؤ في نمو الوظائف وتعديل تنازلي حاد لبيانات الشهرين السابقين بمقدار 258 ألف وظيفة، ما أدى إلى إقالة مفوض مكتب إحصاءات العمل، وسط اتهامات بالتقصير في الأداء.
في المقابل، تصاعدت الضغوط السعرية بشكل ملحوظ، حيث قفز مؤشر الأسعار المدفوعة إلى 69.9 نقطة، وهو أعلى مستوى له منذ أكتوبر 2022، مما يزيد المخاوف من تحوّل تدريجي نحو “ركود تضخمي” في حال استمر التضخم بالتزايد وسط ركود في النشاط الاقتصادي.
وفي حين أبقى مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع الماضي على سعر الفائدة الأساسي ضمن نطاق 4.25% – 4.50%، فقد برزت أصوات داخل المجلس تُحذر من تفاقم مخاطر التباطؤ في سوق العمل، داعية إلى النظر في خفض الفائدة لكبح التباطؤ المحتمل.
بهذا، يبدو الاقتصاد الأميركي عالقاً بين مطرقة التضخم وسندان تباطؤ النمو، في وقت يتعين فيه على صناع القرار التوفيق بين سياسات تجارية متشددة وتحديات داخلية متزايدة، قد تعيد تشكيل المشهد الاقتصادي في الشهور المقبلة.