كشفت دراسة جديدة أجراها باحثون من مستشفى “ماونت سيناي” في الولايات المتحدة أن التغيرات الملحوظة في أنماط النوم لدى مرضى داء الأمعاء الالتهابي (IBD)، وتحديداً انخفاض نوم حركة العين السريعة (REM) وزيادة النوم الخفيف، تحدث فقط عند وجود التهاب في الجسم، وليس بسبب أعراض المرض وحدها. وتشير النتائج، التي نُشرت في مجلة “كلينيكال جاستروإنترولوجي آند هيباتولوجي”، إلى أن تغيرات النوم قد تنذر بنوبات وشيكة من المرض.
هدفت الدراسة إلى تقييم كيفية تأثير الالتهابات وأعراض داء الأمعاء الالتهابي في خصائص النوم وأنماطه. ووجد الباحثون أن انخفاض نوم حركة العين السريعة، التي تُعد المرحلة الأكثر تجديدًا للجسم، لا يحدث إلا في وجود التهاب نشط، بينما لا تؤدي أعراض المرض وحدها إلى أي اضطراب في النوم.
قيم الباحثون بيانات النوم لأكثر من 100 مشارك مصاب بداء الأمعاء الالتهابي، والذين ارتدوا أجهزة قابلة للارتداء على نطاق واسع لمدة تجاوزت 7 أشهر في المتوسط. وشملت البيانات مراحل النوم، ونسبة الوقت الذي يقضيه المشاركون نائمين في السرير، وإجمالي ساعات النوم. كما جمع الفريق استبيانات يومية للأعراض، بالإضافة إلى مؤشرات معملية للالتهاب.
مؤشرات مبكرة لنشاط المرض
صرح الباحث المراسل، الدكتور روبرت هيرتن، الأستاذ المشارك في أمراض الجهاز الهضمي والذكاء الاصطناعي في كلية “إيكان” للطب في “ماونت سيناي”، بأن النتائج “شديدة الأهمية لأنها تشير إلى أن قلة النوم قد تكون مرتبطة بمرض التهابي نشط، حتى في الحالات التي لا يبلغ فيها المرضى عن أعراض ظاهرة”. وأضاف أن هذا النهج “يفتح آفاقًا جديدة لكيفية استخدام الأجهزة القابلة للارتداء لمراقبة الأحداث الصحية وتتبع النوم في سياق الأمراض المزمنة”.
تُعد قلة النوم شكوى شائعة لدى مرضى داء الأمعاء الالتهابي. وقد ركزت الدراسات السابقة في الغالب على تقييمات ذاتية ودراسات قصيرة المدى، مما ترك غموضًا حول ما إذا كانت اضطرابات النوم ناتجة عن الأعراض أو الالتهابات أو كليهما. يُعد داء الأمعاء الالتهابي فئة مرضية تشمل التهاب القولون التقرحي وداء كرون، ويتسم بوجود التهابات في الجهاز الهضمي. ويمكن أن تترافق نوبات النشاط مع أعراض مثل ألم البطن، والإسهال، والنزيف، ولكن هذه الأعراض قد تظهر أحيانًا حتى في غياب مؤشرات التهابية فعلية.
مستقبل مراقبة الالتهاب
أجرى الفريق خرائط طولية لأنماط النوم الموضوعية قبل نوبات التفاقم وفي أثنائها وبعدها، وحُللت بيانات النوم لمدة 6 أسابيع قبل النوبات و6 أسابيع بعدها. ووجد الباحثون أن اضطرابات النوم تتفاقم بشكل واضح قبيل تفاقم الحالة الالتهابية، ثم تتحسن بعد ذلك، مما يشير إلى أن تغيرات النوم قد تشكل مؤشرًا مبكرًا على زيادة وشيكة في نشاط المرض.
تُعد هذه الدراسة الأولى من نوعها التي ترسم خريطة طولية لأنماط النوم لدى مرضى داء الأمعاء الالتهابي باستخدام أجهزة قابلة للارتداء، مما يتيح طريقة غير جراحية لمراقبة نشاط المرض واستكشاف العلاقة بين قلة النوم والالتهاب. وعلق الباحثون بأن هذه النتائج تعزز إمكانات المراقبة المستمرة والسلبية للنوم باستخدام أجهزة مخصصة للمستهلكين، مما قد يمهد لمستقبل تراقب فيه الحالة الالتهابية بشكل لحظي، بديلاً عن الإجراءات الجراحية أو المعقدة مثل تحاليل الدم أو عينات البراز.