السودان

وسط مشهد إنساني مأساوي وانهيار شبه تام للخدمات الأساسية، يُواجه أكثر من 19 مليون طالب في السودان مستقبلاً تعليمياً قاتماً، مع إعلان السلطات نيتها إعادة فتح المدارس والجامعات بعد توقف دام أكثر من عامين، بسبب الحرب الدامية التي اندلعت في أبريل 2023.

القرار، الذي يشمل ولاية الخرطوم – حيث تتركز أكثر من نصف مدارس البلاد ونحو 70% من مؤسسات التعليم العالي – أثار موجة تحذيرات وانتقادات، خصوصاً من لجنة معلمي السودان التي وصفت الخطوة بأنها “كارثية”، في ظل استمرار وجود الأجسام المتفجرة، وتحوّل بعض المدارس إلى مقابر تحتوي جثامين متحللة لم تُرفع بعد، فضلاً عن تفشي الأوبئة وتردي البنية التحتية بشكل غير مسبوق.

ووفق ما جاء في بيان لجنة المعلمين، فإن العودة المفروضة للعمل اعتباراً من يوم الأحد، واعتبار الغياب “تخلفاً عن الوظيفة”، يعد خرقاً صريحاً لقوانين العمل الدولية التي تشترط توفير بيئة آمنة ومهنية قبل استئناف الدراسة. واعتبرت اللجنة أن القرار يتجاهل أوضاع المعلمين الذين يعيش أغلبهم حالات نزوح ولجوء وتشرد، بعد أن حُرموا من أجورهم لشهور، وتعرض بعضهم للموت جوعاً أو مرضاً.

وأضاف البيان أن “العديد من المدارس ما تزال تحتوي على أجسام مشبوهة وألغام، وبعضها تعرّض لتصدعات هيكلية خطيرة، دون أي عمليات مسح هندسي أو تعقيم”، محذراً من أن بعض المباني تحوّلت فعلياً إلى مقابر مفتوحة.

وفي ظل الانهيار الصحي العام، وغياب إعلان رسمي من وزارة الصحة حول السيطرة على الأوبئة المنتشرة، ترى اللجنة أن القرار يعكس “لامبالاة صادمة بحياة المعلمين وأسرهم”، خصوصاً مع النقص الحاد في مياه الشرب والكهرباء، التي لا تصل إلى غالبية الأحياء في العاصمة والمناطق الأخرى، أو تنقطع بشكل كامل.

وفي وقت لا تزال فيه المعارك مشتعلة، والخرطوم في قلب النزاع، باتت عودة الطلاب إلى الفصول الدراسية حلماً يلاحقه شبح الموت من كل زاوية، في مشهد يلخص المأساة السودانية المستمرة.

البحث