تعبيرية

اكتشف الباحثون في دراسة جديدة السبب وراء تحول عدوى فيروس “شيكونغونيا” إلى مصدر لألم مفصلي مزمن يشبه أمراض المناعة الذاتية، مثل التهاب المفاصل الروماتويدي. الفيروس المسبب لهذا المرض، والمعروف بـ داء شيكونغونيا (CHIKV)، ينتقل عبر لدغات بعوضتي الزاعجة المصرية و الزاعجة المنقطة بالأبيض، المسؤولتين أيضًا عن نقل حمى الضنك.

ما هو فيروس شيكونغونيا؟

فيروس شيكونغونيا يتسبب في أعراض حادة تشمل ارتفاع حرارة الجسم، آلام شديدة في المفاصل، طفح جلدي، آلام عضلية، وصداع. غالبًا ما تختفي هذه الأعراض في غضون أسبوعين. لكن هناك ما يقارب 30-40% من المرضى الذين يعانون من آلام مفصلية مزمنة قد تستمر لشهور أو حتى سنوات.

الاكتشاف العلمي:

دراسة جديدة نشرتها مجلة Cell Reports Medicine تسلط الضوء على العلاقة بين فيروس شيكونغونيا وظهور أمراض المناعة الذاتية. وركزت الدراسة على تحليل عينات دم لمرضى في كولومبيا، حيث أظهرت النتائج أن الخلايا التائية المساعدة (CD4+) – وهي جزء من الجهاز المناعي – هي التي تقود الدفاع ضد الفيروس، وليست الخلايا التائية القاتلة (CD8+) كما كان يُعتقد سابقًا.

نتائج مفاجئة:

ما أثار دهشة الفريق البحثي هو استمرار وجود الخلايا التائية المساعدة في دم المرضى حتى بعد 6 سنوات من الإصابة، حيث وجد أن 87% من المرضى حافظوا على وجود هذه الخلايا. الأغرب من ذلك هو أن هذه الخلايا أصبحت “أحادية الوظيفة” وتفرز TNF-alpha، وهو جزيء التهابي، بشكل مستمر حتى بعد القضاء على الفيروس، وهو ما يشبه سلوك الخلايا في أمراض المناعة الذاتية.

كيف يتسبب ذلك في الألم المزمن؟

عادة ما يُلاحظ هذا السلوك في الأمراض المناعية الذاتية، حيث يبدأ الجهاز المناعي في مهاجمة أنسجة الجسم السليمة، مثلما يحدث في التهاب المفاصل الروماتويدي. وهذا يفسر لماذا يعاني الكثير من مرضى شيكونغونيا من آلام مفصلية مزمنة قد تستمر لفترات طويلة بعد زوال العدوى.

أهمية النتائج:

  • التشخيص والعلاج: قد تُفتح هذه النتائج الباب لتطوير علاجات تستهدف مسارات الالتهاب المحددة في الجسم، مثل استخدام أدوية مثبطة لـ TNF-alpha، التي أثبتت فعاليتها في بعض الأمراض المناعية الذاتية.
  • الانتشار العالمي: مع انتشار الفيروس في أكثر من 110 دول، قد تزداد الحاجة لفهم تأثيراته طويلة المدى، التي تتشابه مع كوفيد طويل الأمد و حمى الضنك.
  • دور الهرمونات: تركز أبحاث أخرى على تفسير السبب الذي يجعل النساء في الأربعينات أكثر عرضة للألم المزمن بعد الإصابة بالفيروس، مما يشير إلى تفاعلات معقدة بين الهرمونات والاستجابة المناعية.

الأفق المستقبلي:

تفتح هذه الأبحاث المجال لتطوير علاجات جديدة يمكن أن تعالج بشكل دقيق التفاعلات المناعية التي تحدث نتيجة العدوى الفيروسية، وتحولها إلى مصدر للأمراض المزمنة. هذه النتائج تمثل خطوة هامة نحو فهم الآليات الجزيئية التي تتحكم في التفاعلات المناعية، ما قد يؤدي إلى علاجات ثورية في المستقبل.

البحث