قبل عام فقط، لم يكن أكثر المتفائلين يتوقع أن يتحول عثمان ديمبلي، اللاعب الفرنسي المعروف سابقًا بعدم انضباطه وسهره حتى الفجر للعب “البلاي ستيشن”، إلى نجم عالمي يتوّج بجائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم. غير أن مسيرة ديمبلي شهدت تحولًا جذريًا، أصبح فيه رمزًا للانضباط والإصرار، في قصة يُنسب جانب كبير من نجاحها إلى زوجته ريما إدبوش، التي أشاد بها كثيرون على مواقع التواصل، معتبرين أنها لعبت دورًا أساسيًا في تغيير حياته ومسيرته.
في حفل “فرانس فوتبول” الذي أقيم مساء الاثنين على أحد المسارح العريقة في باريس، فاز نجم باريس سان جيرمان، عثمان ديمبلي، بجائزة الكرة الذهبية لعام 2025، متفوقًا على الشاب الواعد لامين يامال لاعب برشلونة. وجاء تتويج ديمبلي بعد موسم مذهل قاد فيه نادي العاصمة الفرنسية لتحقيق رباعية تاريخية: دوري أبطال أوروبا، الدوري الفرنسي، كأس فرنسا، وكأس السوبر الأوروبي.
المفارقة أن المدرب الإسباني لويس إنريكي، المدير الفني لباريس سان جيرمان، كان قد استبعد ديمبلي من مواجهة أمام أرسنال في دوري أبطال أوروبا قبل أقل من عام، بسبب خلاف انضباطي. يومها قال إنريكي:
“إذا لم يحترم أحد قرارات الفريق، فهذا يعني أنه غير مستعد للعب.”
لكن في إبريل من العام ذاته، عاد ديمبلي ليرد بأقدامه، مسجلًا هدف الفوز على أرسنال في ذهاب نصف النهائي، قبل أن يقود فريقه لاحقًا للفوز بالبطولة الأغلى في أوروبا. وفي ليلة التتويج، صرّح إنريكي:
“سأمنح الكرة الذهبية لديمبلي.”
ولد ديمبلي في بلدة فيرنون بمنطقة نورماندي، لوالدة من أصول موريتانية-سنغالية، وأب مالي. بدأ مسيرته مع نادي رين، ثم انتقل إلى بوروسيا دورتموند تحت قيادة توماس توخيل، قبل أن يصبح ثاني أغلى لاعب في العالم عند انتقاله إلى برشلونة عام 2017 مقابل 148 مليون يورو.
لكن مشواره في برشلونة لم يكن سلسًا؛ إذ تعرض لـ 14 إصابة عضلية وغاب عن الملاعب لما مجموعه 784 يومًا، واعتُبر أحد أكثر اللاعبين تغريمًا في النادي بسبب تأخره المتكرر عن التدريبات. المدرب تشافي قال عنه ذات مرة:
“إذا استُثمرت إمكاناته بشكل صحيح، يمكن أن يكون الأفضل في العالم.”
في عام 2023، باعه برشلونة إلى باريس سان جيرمان مقابل 50 مليون يورو، وكان يُنظر إليه كلاعب لم يبلغ ذروته بعد.
في عام 2021، قرر ديمبلي تغيير نمط حياته، فتزوج من ريما إدبوش، شابة من أصول مغربية، وتحمل الجنسية الفرنسية والإيطالية. الزواج كان نقطة تحول مهمة؛ إذ بدأ ديمبلي يُظهر التزامًا أكبر داخل وخارج الملعب، واستعان بأخصائي تغذية وطاهٍ ومدرب بدني خاص.
ريما، التي اشتهرت على “تيك توك” دون أن تظهر وجهها، دعمت ديمبلي بهدوء بعيدًا عن الأضواء. وعلى الرغم من غيابها عن حفل الكرة الذهبية، شوهدت في نهائي دوري أبطال أوروبا وفي كأس العالم للأندية في الولايات المتحدة.
تحدث أحد المقربين من ديمبلي لصحيفة “ديلي ميل” قائلاً:
“عندما أدرك أنه لا يعيش حياة لاعب محترف، قرر الاستقرار. زواجه من ريما كان نقطة تحول، وأصبح أكثر مسؤولية.”
في مشهد طريف يعود لفترة لعبه في رين، سُئل ديمبلي عما إذا كان أعسرًا أم أيمنًا، فأجاب بأنه يسدد باليسرى. وعندما سُئل عن تسديده ركلات الجزاء بالقدم اليمنى، رد ببساطة:
“لأنني أسدد أفضل باليمنى.”
هذا التناقض يلخص موهبة فطرية نادرة، كانت بحاجة فقط إلى الانضباط لتزدهر — وهو ما تحقق أخيرًا.
أنهى ديمبلي موسم 2024–2025 بتسجيل 35 هدفًا وصناعة 16 هدفًا في 53 مباراة، وقاد باريس سان جيرمان إلى مجده الأوروبي الأول. وأخيرًا، بعد سنوات من الشكوك والانتقادات، تُوّج بالكرة الذهبية، في تتويج لقصة عودة مذهلة تجمع بين الموهبة، والعمل، والدعم العائلي.