كتبت سمر يموت في الـ Entrevue:
منذ أيام، صنّف التقرير السنوي لمؤشر السعادة العالمي الصادر عن شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة، لبنان في المرتبة الأخيرة عربيّاً وفي المرتبة 145 عالمياً متقدمًا فقط على سيراليون وأفغانستان. تصنيف يعكس بوضوح استمرار التدهور في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ويشير الى ارتفاع معدلات التضخم بشكل هائل وانهيار قيمة العملة وضعف القوة الشرائية لدى المواطنين وتفشي الفساد وسوء الإدارة والهجرة وفقدان الكفاءات.
برأي الخبراء أنّ تنفيذ إصلاحات شاملة تأتي في طليعة الحلول لإعادة بناء الثقة بالنظام المالي في لبنان، إضافة الى تحسين البنية التحتية للكهرباء والمياه والنقل، ناهيك عن مكافحة الفساد وإرساء الشفافية وتشجيع الإصلاحات، أمورٌ أساسيّة لتحسين جودة الحياة وتعزيز الشعور بالسعادة وهي متوفرة في الدول التي تصدّرت قائمة الدول السعيدة لاسيما الإمارات العربية المتحدة التي حلّت في المرتبة الأولى عربياً (حلّت فنلندا الأولى عالميّا)، استناداً الى ما تتمتع به من قوة اقتصاد وبنية تحتية مميزة ومستويات دعم اجتماعي وسلام وأمن.
ورغم استناد مؤشر السعادة على معطيات ضرورية للجودة العيش، إلا أنّ المواطنين اللبنانيين انقسمت آراءهم الى قسمين، منهم من أيّد نتيجة هذا التقرير واعترف بتعاساته التي فرضتها الظروف الأمنية (الحروب) والسياسية والاقتصادية والمعيشية، مؤكّداً أنّنا سنبقى في ذيل قائمة الدول السعيدة إذا استمرّت الطبقة الحاكمة في التغاضي عن أساسيات الحياة من رواتب وتقديمات اجتماعية وتعليمية وصحيّة وتوفير فرص عمل لأبنائها الذين هاجر معظمهم. بالمقابل، يرفض البعض الآخر أن يُصنّف لبنان أتعس بلد مؤكدين “أنّ لبنان أجمل بلد، هو سويسرا الشرق وكلّ الشعوب تحب المجيء إليه وتنسجم مع شبابه الراقي والمميز وتتهافت عليه كل البلدان ليعمل عندها، وإذا كانت التعاسة موجودة بسبب عدم الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي وحتى الاجتماعي، فهذا الأمر سيكون آنيّاً بانتظار أن يصوّب العهد الجديد الأخطاء السابقة ويزيل الفساد المستشري ويعيد لبنان الى مكانته السابقة”.
في أسبوع واحد، تلقى لبنان خبرين أولهما مفرح جاء ليكافئ اللبنانيين على صلابتهم ومرونتهم النفسية وكفاحهم الدائم وهو تصدره “مؤشر الذكاء العالمي” وهو أمرٌ ليس بغريب عن اللبناني وهو حديث العالم بإنجازاته الدائمة وعطاءاته في ميادين العلم والمعرفة والاختراعات. أما الخبر الصادم فكان تذيّله قائمة مؤشر السعادة، والسؤال البديهي هو كيف يجمع اللبناني بين نقيضين؟
ترى الإخصائية في علم النفس الاجتماعي فريال حلاوي، “أنّ اللبناني رغم ضعف مؤشر السعادة لديه، يبقى قادراً على العطاء وتحقيق الإنجازات، هو صبور وفريد من نوعه، فلو مرّت شعوب دولة اخرى بجزء مما يمر به لبنان لتوقفت حتماً إنجازات أبنائها وتقدمهم. هذا هو لبنان القادر دوماً على النهوض من جديد حتى لا يترك مركزه في التقدّم والعلم لأيّ كان كيف لا وهما يشكلان ضمان بقاء المجتمعات”.
صحيح أنّ مؤشر السعادة يقاس بناء على التقديمات التي تمنح لكل مواطن في بلده، وللأسف نحن في لبنان في أدنى السلم الحاجاتي، تتابع حلاوي “أصبحنا في العام 2025، وما زال الفقر يدق ابواب الناس ناهيك عن ضعف الخدمات الرئيسية للحياة كالكهرباء والماء وارتفاع مشكلة التلوث ونسبة الامراض، أضف الى ذلك الحرب وتداعياتها على النواحي الاقتصادية والاجتماعية والنفسية”.
“حتى لو كان لبنان في المراتب الأخيرة في مؤشر السعادة العالمي على صعيد التقديمات، لكنه سيبقى يحتلّ المركز الاول في السعادة بالإنجازات والعطاءات غير المنتهية”، تختم حلاوي.