بدعوة من الرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية، الأباتي هادي محفوظ، ترأس غبطة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي، اليوم السبت 20 أيلول 2025، حفل افتتاح دير مار شربل الجديد في مدينة فيليه سور مارن بفرنسا، بحضور مبارك ومشاركة واسعة من الأساقفة والرهبان والكهنة والراهبات، إلى جانب أبناء الجالية اللبنانية والأصدقاء الفرنسيين.
وفي كلمته، وصف غبطته هذا اليوم بأنه “يوم نور وصمت، تتويج وانطلاقة”، معربًا عن سعادته برئاسة الاحتفال الليتورجي المهيب الذي شهد تدشين دير مار شربل الجديد، الذي يمثّل الرهبانية اللبنانية المارونية بأفضل صورة تحت قيادة الرئيس العام الأباتي هادي محفوظ، معبّرًا عن عميق تأثره برؤية كيف تتجسد الرسالة الروحية في هذا المزار الجديد المكرّس للقديس شربل، متحدثًا عن تواصل وتكامل هذا العمل مع دير راهبات مريم-يوسف والرحمة، التي تمثل اليوم برئيستها العامة الأخت فيرونيك لوييه.
وأشار الراعي إلى عمق التعاون المتجذر والمتنوع بين كنيسة فرنسا والكنيسة المارونية في لبنان، الذي يمتد على مدى قرون، بدءًا من القرن الثاني عشر وحتى اليوم. وأكد أن هذه العلاقات المستمرة، الممزوجة بالصداقة والمحبة والتضامن، تعكس الروابط القوية التي تجمع بين الكنيسة المارونية في لبنان وفرنسا، سواء من حيث الوطن أو الكنيسة أو القيم المشتركة. كما تذكر العلاقة التاريخية بين بيروت، مدينة التشريعات، وباريس، حاضنة حقوق الإنسان، اللتين تعاونتا في بناء أحد أعظم إنجازات الديمقراطية والحرية في الشرق الأوسط.
ووجه غبطته الشكر الجزيل للأخوات في رهبنة مريم-يوسف والرحمة على حرصهن الكبير على إنجاز مشروع دير مار شربل، الذي تم تصميمه بروح حماسية ورسولية. واعتبر الرهبانية اللبنانية المارونية بمثابة “النار المقدسة” التي تضيء كنيستنا ومشتل القديسين منذ أكثر من 330 عامًا. كما أشاد بالجهود المتميزة للسيدة باسكال فيرنيه، عضو محكمة التحكيم في البناء، والتي تابعت المشروع بمحبة وفرح، مستعينة بشفاعة القديس شربل خلال محنتها الصحية، مما يبرهن على تدخل العناية الإلهية في هذا المشروع الروحي.
وختم غبطته قائلاً: “نجتمع اليوم لا لننظر فقط إلى الجدران الحجرية أمامنا، بل لنحتفل ببناء مزار حي تحت شفاعة القديس شربل، مكان يتيح للإنسان أن ينسحب من ضجيج العالم ليس هروبًا، بل للاستماع والتأمل”. وذكر أن القديس شربل، الذي طوبه البابا بولس السادس في 1965 وقدسه عام 1977، يُعتبر من أعظم معجزات الكنيسة الكاثوليكية. وأضاف أن هذا الدير ليس مجرد بناء بشري، بل هو فلك صلاة، وواحة سلام وصمت وتأمل، وبيت لله في وسط المجتمع، مؤكداً على القاعدة التي وضعها القديس بندكتس بأن “ليكن الدير مدرسة نتعلم فيها خدمة الرب”، لافتًا إلى أن الدير اليوم يُكرّس كمدرسة للصمت والمحبة والحياة الداخلية.