الفساد في القضاء اللبناني - صورة تعبيرية من إعداد ريبيكا أبو رجيلي

كتبت سمر يموت في الـ Entrevue:


ترك توقيف أحد القضاة في لبنان بجرم “قبض رشاوى” ارتياحاً لدى الرأي العام اللبناني الذي فقد الثقة لفترة طويلة بالجسم القضائي، نتيجة تدخل السلطة السياسية والحزبية في عمله، بدليل ما حصل من تهديد للمحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، وما تبعه من عرقلة للتحقيق، وتحكُّم المحسوبيات بمسار العديد من الملفات القضائية العالقة في العدلية. خطوةٌ استشعر بها المواطنون خيراً في بداية عهد يعوّلون عليه منذ أن سمعوا خطاب القسم، وأملوا في تحقيق المحاسبة في كافة مؤسسات الدولة.


في المقابل، أثار توقيف القاضي عماد زين قلقاً لدى عدد كبير من القضاة خاصة أولئك المحالين الى التفتيش القضائي والمجلس التأديبي، وبات هؤلاء يخشون من أن يستتبع هذا التوقيف توقيفات أو ملاحقات أخرى تشمل عدداً منهم.


ورغم أنّ توقيف القاضي يعتبر سابقة بتاريخ القضاء، وهو الذي كان مدعى عليه منذ أربع سنوات من قبل النائب العام التمييزي السابق غسان عويدات، تؤكد مصادر قضائية أنّ “ورشة إصلاح العدلية” قد بدأت فعلاً وسيتم تنقية الجسم القضائي من أيّ فاسد، وستكون التعيينات القضائية المقبلة الاختبار الأهم لوضع القاضي المناسب في المكان المناسب، واعتماد مبدأ النزاهة والكفاءة أمراً أساسياً لاختيار القضاة لاسيما الذين يشغلون مناصب حساسة، وقد وضع رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة نوّاف سلام بالتشاور مع وزير العدل عادل نصّار، المعايير التي ستُعتمد في التعيينات القضائية. في هذا الإطار، ينتاب بعض القضاة قلقاً كبيراً لاسيما المحالين أمام هيئة التفتيش القضائي من وصول القاضي أيمن عويدات على رأس الهيئة، نظراً لمناقبيته وصلابته في تطبيق القانون ولما يتمتع به من خبرة من خلال المناصب التي تبوّأها.


بانتظار أن تُبصر التعيينات القضائية النور في جلسة مجلس الوزراء الأسبوع المقبل، باختيار خمسة أعضاء أصيلين لمجلس القضاء الأعلى وتثبيت القاضي جمال الحجار على رأس النيابة العامة التمييزية، وتعيين رئيس لهيئة التفتيش القضائي يُرجّح أن يكون القاضي أيمن عويدات، يبقى الرهان على نجاح القضاء في مهمة تنقية العدالة وترسيخ استقلاليته، لتبدأ حينها معركة محاربة الفساد داخل جسمه أولاً وفي البلد كلّه ثانياً.


مرحلةٌ جديدة يُعوّل عليها محليّاً وخارجيّاً، بعيدةٌ عن مرحلة الاستقواء على القضاء وزرع أزلام السلطة في كافة مؤسسات الدولة، إنها بداية مرحلة تغيير أينما كان، ويبقى الرهان الأكبر في العهد الجديد على إنجاز التحقيقات في ملف المرفأ وإعادة أموال المودعين واستعادة الدولة لهيبتها وقرارها في الحرب والسلم.

البحث