عودة

ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها، المطران الياس عودة، خدمة القداس الإلهي في كاتدرائية القديس جاورجيوس. وبعد قراءة الإنجيل، ألقى عظة تناول فيها رسالة الرسول بولس إلى أهل غلاطية، مركّزاً على مفهوم التبرير بالإيمان بيسوع المسيح، الذي كان معروفاً لدى المسيحيين آنذاك، سواء كانوا من أصل يهودي أو أممي.

قال المطران إن التبرير لا يكون بالأعمال والناموس فقط، إذ أن الإنسان لا يمكنه تحقيق كامل متطلبات الناموس، مما يوقعه تحت لعنة الناموس. لذلك، يؤكد بولس أن الإيمان بالمسيح هو السبيل الوحيد للتبرير، سواء لليهود أو للأمم. وأضاف أن الإيمان بالمسيح يكفي بذاته ولا حاجة بعد للناموس، مشيراً إلى أن بولس يرفض فكرة أن الالتصاق بالناموس وحده يبرر الإنسان، لأن ذلك يجعل المسيح خادماً للخطيئة، وهو أمر مستحيل.

وأوضح أن المسيحيين جميعاً، بغض النظر عن أصولهم، هم أبناء الله بالإيمان بالمسيح، حيث أن الإيمان العامل بالمحبة هو ما ينفع، وليس الختان أو الغرلة. وبيّن أن الخطيئة في المنظور المسيحي تقوم على عدم إتمام ناموس المسيح، وهو ناموس المحبة.

تابع المطران مشيراً إلى أن سلطة الناموس الموسوي أُبطلت بالمسيح، إذ كان الناموس مجرد مؤدب يقود إلى المسيح لكي نتبرر بالإيمان، وبعد مجيء الإيمان لم يعد الإنسان تحت سلطة الناموس. وبيّن أن الناموس الحقيقي الآن هو ناموس المحبة، الذي يكمل الناموس الموسوي، وأن المسيحيين باتوا أمواتاً للناموس القديم وحياتهم الجديدة هي في المسيح، الذي يحيا فيهم.

وأكد أن هذه الحياة الجديدة لا تلغي حرية الإنسان وإرادته، بل تتطلب منه اختياراً واعياً وتحمل المسؤولية، مستشهداً بالإنجيل حيث دعا المسيح متبعيه إلى إنكار الذات وحمل الصليب، موضحاً أن خلاص الإنسان مرتبط بخياره الحر، رغم صعوبة الطريق التي تتطلب تواضعاً وتضحية وشهادة للحق في عالم مليء بالظلم والأنانية.

وختم المطران بأن علاقة الإنسان بالمسيح لا تبدأ بإيمانه فقط، بل ببذل المسيح نفسه على الصليب، وهو دليل المحبة الحقيقية. وأوضح أن الإيمان لا يكون برهاناً حقيقياً على المحبة إلا إذا اجتاز اختبار المحبة اليومي المستمر حتى الموت، داعياً الجميع إلى تعلم محبة الآخر وقبوله دون أن يفقد الإنسان ثباته على إيمانه بالمسيح، معبراً عن أن محبة الجميع يجب أن تكون انعكاساً لمحبة المسيح الذي خلق الإنسان على صورته دون تمييز بين الألوان أو الأديان أو الطوائف.

البحث