اعتبر النائب بلال الحشيمي أن تفشّي الحمى القلاعية في لبنان لم يعد مسألة تقنية أو إدارية، بل أصبح مسؤولية سياسية مباشرة تمس صورة الدولة وقدرتها على حماية الأمن الغذائي وصون أرزاق آلاف العائلات المعتمدة على تربية الأبقار والزراعة. وأوضح أن الخلل يكمن في القرار قبل أن يكون في التنفيذ، وفي السياسة قبل الإدارة.
وأشار الحشيمي إلى أن الحمى القلاعية مرض فيروسي فائق العدوى قادر على إصابة 70% إلى 100% من القطعان غير المحصّنة خلال فترة قصيرة، ويؤدي إلى انخفاض إنتاج الحليب بنسبة قد تصل إلى 50%، ونفوق 20% إلى 40% من العجول الصغيرة، إلى جانب خسائر طويلة الأمد في الخصوبة والنمو قد تُخرج مزارع كاملة من الدورة الإنتاجية. وأكد أن هذه الأرقام ليست تقديرات سياسية أو تهويلاً إعلاميًا، بل وقائع علمية ثابتة، وأن الدولة كانت على علم بها منذ سنوات، مستندًا إلى القرار الرسمي رقم 1960 الصادر في 30 تشرين الأول 2023، والتعميم الصادر في 15 كانون الثاني 2025 الذي طلب تجميد أذونات الاستيراد وتعليق استيراد المواشي من الدول المصابة وتشديد الإجراءات الوقائية.
ولفت الحشيمي إلى أن أي استيراد تم بعد صدور هذه القرارات لا يمكن أن يكون عشوائيًا أو نتيجة خطأ فردي، بل يتم عبر أذونات رسمية ومسارات إدارية واضحة، وأي كسر لهذه القرارات يمثل مسؤولية سياسية وإدارية مباشرة تقع على رأس الوصاية. وأكد أن التجارب الدولية، مثل المملكة المتحدة عام 2001، أظهرت أهمية اتخاذ إجراءات صارمة وفورية لحماية الأمن الغذائي والمزارعين، بينما في لبنان تم كسر التدابير الوقائية، ما أدّى إلى تفشّي المرض وتحمل المزارعين الخسائر الاقتصادية والمعنوية.
وأوضح أن نحو 70% من مربي الأبقار مهدّدون بتضرر مباشر إذا استمر التفشّي، سواء عبر نفوق المواشي أو انهيار الإنتاج أو خسارة الأسواق، مؤكدًا أن هؤلاء ليسوا تجّار أزمات، بل عائلات تعتمد على تعب الأرض، وتركهم يواجهون المرض والخسارة وحدهم هو ظلم لا تقبله الدولة.
وأكد الحشيمي التزامه بالمسار النيابي والرقابي، مشيرًا إلى انضمامه إلى الزملاء النواب الذين بادروا إلى توجيه المسألة النيابية رقم 954 إلى الحكومة لكشف ملابسات القضية وتحديد المسؤوليات وحماية حق المزارعين، مؤكدًا أن هذا الإجراء الحد الأدنى من احترام دور المجلس وصيانة المصلحة العامة.
وختم الحشيمي بالتأكيد على أن التعويض الشامل والفوري لمربي الأبقار وأصحاب المزارع والتجار المتضرّرين واجب على الدولة، وأن الأمن الغذائي والثروة الحيوانية ليستا تفصيلاً، وأن المحاسبة اليوم شرط لإعادة الثقة بالدولة ومنع استمرار المسؤولين عن أي تقصير في موقع الوصاية، محذرًا من أن كسر الوقاية يعني كسر ظهر المزارع، وأن التجاهل أو الهروب من المسؤولية لا يمكن قبوله.