العلم اللبناني- صورة تعبيرية

كتب داوود رمال في الأنباء الكويتية:

يدور في الكواليس السياسية اللبنانية نقاش دقيق حول موجة الضغوط المتصاعدة التي تمارس على لبنان لدفعه نحو مسار تفاوض مباشر مع إسرائيل، تحت عناوين متعددة تبدأ بترسيم الحدود البرية ولا تنتهي عند محاولة فرض تسوية سياسية أوسع، تراد منها إعادة صياغة معادلة الصراع في المنطقة.

وقال مصدر وزاري لبناني لـ«الأنباء»: «ما يجري لا يمكن عزله عن المسار الإقليمي المتبدل، إذ تحاول بعض القوى الدولية استثمار الوضع في الجنوب لتحريك قنوات تفاوضية جديدة، بذريعة تثبيت الاستقرار ومنع الحرب الشاملة، بينما الهدف الحقيقي هو إخراج لبنان من إطار التفاوض غير المباشر الذي تم اعتماده سابقا، ودفعه إلى مفاوضات علنية تحمل في طياتها اعترافا سياسيا كاملا».

وأشار المصدر إلى «أن إسرائيل التي لم تتوقف يوما عن اختبار ردود الفعل اللبنانية، تسعى إلى انتزاع موافقة رسمية على مبدأ الجلوس المباشر، معتبرة أن الظروف الحالية قد تتيح تحقيق ما فشلت فيه الوساطات السابقة. فالتصعيد العسكري المتصاعد، والضغط المالي والسياسي المتزايد، والضغط الديبلوماسي الذي بدأ يتعرض له لبنان، كلها عناصر توظف لتليين موقفه الرسمي، وخلق انطباع داخلي بأن لا مفر من التفاوض لتجنب الانهيار الشامل أو الحرب المفتوحة».

وبحسب المصدر، «فإن ما يجري يعد مرحلة تمهيدية لاختبار الموقف اللبناني من «المبادرة الرئاسية» التي طرحت داخليا كخيار واقعي لتجنب التصعيد. إلا أن هذا الطرح يثير مخاوف جدية لدى أوساط سياسية واسعة ترى أن فتح باب التفاوض المباشر، من شأنه أن يدخل لبنان في مسار سياسي وأمني غير محسوب النتائج، خصوصا أن إسرائيل تسعى إلى تجاوز الترسيم التقني نحو تفاوض على طبيعة العلاقات الأمنية وربما السياسية لاحقا».

في المقابل، ثمة قناعة داخل الحكومة بضرورة التعاطي ببرودة واحتراف مع هذه الضغوط، وعدم الإنجرار إلى ردود فعل متسرعة، بل بناء مقاربة مؤسساتية تضع أولويات الدولة وأمنها القومي في صدارة أي قرار. وأشار المصدر إلى «أن هذا الملف يتطلب خلية عمل متخصصة تعنى بدراسة السيناريوهات المحتملة، وتقييم مستوى التفاوض المقبول، وتحديد السقف الوطني الذي لا يمكن تجاوزه، سواء لجهة شكل التفاوض أو أهدافه».

وختم موضحا «أن لبنان اليوم يقف أمام مفترق صعب، بين خيار الانصياع لضغوط الخارج بقبول تفاوض مباشر قد يستغل لتغيير قواعد الاشتباك السياسية، وبين خيار الصمود على قاعدة التفاوض غير المباشر الذي يحفظ ما تبقى من عناصر القوة والسيادة. وفي الحالتين، يبدو أن المرحلة المقبلة ستكون اختبارا جديدا لقدرة الدولة على حماية موازينها الدقيقة في وجه رياح الإكراه الديبلوماسي المتصاعدة».

البحث