يطلق أبناء مدينة لعيون، شرق موريتانيا، على مدينتهم لقب “عروس الشرق”، وهو لقب يحمل في طياته اعتزازًا عميقًا بتاريخها العريق. فقد كانت لعيون مرشحة في فترة ما قبل تأسيس الدولة لتصبح العاصمة السياسية، لكنها اختارت أن تتبوأ مكانة متميزة كعاصمة ثقافية وموطن للتنوع والتراث بعد أكثر من ستة قرون.
تقع لعيون على بُعد أكثر من 800 كيلومتر من العاصمة نواكشوط، على طريق الأمل الذي يُعد أطول طريق في البلاد. وفي السنوات الأخيرة، تحولت المدينة إلى نقطة جذب سنوية للفن والثقافة، منذ إطلاق “مهرجان لعيون لتنمية الثقافة والتراث” عام 2022 على يد أحد أبنائها. يجمع هذا المهرجان بين الفعاليات الثقافية والمشاريع التنموية التي تخدم سكان المدينة وتُبقي الأثر على الأرض.
ويشكل هذا الحدث السنوي مناسبة ينتظرها السكان بفارغ الصبر، ويجتمع حولها الفنانون والسياسيون والإعلاميون والمثقفون من مختلف أنحاء موريتانيا، احتفاءً بمدينة تأسست في منتصف أربعينيات القرن الماضي خلال الحقبة الاستعمارية الفرنسية، حينما تم تحويلها إلى مركز إداري. رغم ذلك، حافظت لعيون على هويتها الثقافية كواحدة من مدن التراث العريقة في البلاد، وتظل حاضنة للتنوع الثقافي، وتضم معالم جيولوجية فريدة ومناظر طبيعية خلابة تمزج بين الأصالة والحداثة والتنمية.
وقد جاء الزخم الثقافي للمهرجان هذا العام بالتزامن مع موسم السياحة الداخلية، بدعوة من رئيس الجمهورية لتشجيع السياحة في مدن الداخل، وهو توجه يدعم المنتج المحلي والصناعات التقليدية، ويساهم في إنعاش الاقتصاديات المحلية.
وقد احتضنت لعيون خلال الفترة من 12 إلى 14 سبتمبر النسخة الرابعة من مهرجانها السنوي، حيث استقبلت المدينة آلاف الزوار القادمين من نواكشوط ومدن أخرى. أصبح المهرجان مساهماً رئيسياً في تعزيز السياحة الداخلية، وفسحة ترفيهية جذبت عشرات الآلاف، لترتقي لعيون من مجرد عاصمة ولاية “الحوض الغربي” إلى ملتقى ثقافي وتراثي يتجاوز حدود المكان والزمان.