توصل العلماء في الولايات المتحدة إلى أن العناكب تعزز قوة شبكتها عن طريق سحب خيوطها باستخدام أرجلها الخلفية، وهو ما أكدته تجارب عملية. وكانت الدراسات على خيوط العنكبوت قد جذبت اهتمام الباحثين لعدة عقود، وذلك بفضل خصائصها الاستثنائية. فهي أقوى من الفولاذ، وأكثر مقاومة من مادة الكيفلار، ومرنة مثل المطاط.
وفي هذا السياق، قال جاكوب غراهام، أحد مؤلفي الدراسة: “خيوط العنكبوت تعتبر أقوى الألياف العضوية القابلة للتحلل البيولوجي، مما يجعلها مادة مثالية للاستخدام في المجالات الطبية. يمكن استغلالها في الغرز الجراحية والمواد اللاصقة لإغلاق الجروح.”
ومع ذلك، يظل إنتاج خيوط العنكبوت من خلال تربية العناكب أمرًا معقدًا وغير اقتصادي، لذا يسعى العلماء لتطوير طرق لإنتاجها في المختبرات. وقد عمل الباحثون لعدة سنوات على تطوير ميكروبات لإنتاج ألياف مشابهة لخيوط العنكبوت، وتم بالفعل تصنيع ألياف صناعية تشبه خيوط العنكبوت الذهبي الدائري المعروفة بمتانتها الفائقة.
وفي إطار هذا البحث، كان من غير الواضح كيف تؤثر عملية غزل الخيوط على بنية الألياف وقوتها. ولكن، قام جاكوب غراهام ومشرفه البروفيسور سينان كيتن من جامعة واشنطن بتطوير نموذج حاسوبي لمحاكاة الديناميكيات الجزيئية لخيوط العنكبوت الاصطناعية. هذا النموذج أثبت أن عملية الشد تجعل البروتينات تتراص في خطوط، مما يعزز من قوة الألياف. كما أظهرت النتائج أن الشد يزيد من عدد الروابط الهيدروجينية، التي تعمل كجسور بين سلاسل البروتينات، مما يعزز القوة والمرونة والمقاومة للألياف.
وأوضح غراهام قائلاً: “عند إخراج الألياف، تكون خصائصها الميكانيكية ضعيفة للغاية. لكن عندما يتم شدها إلى ستة أضعاف طولها الأصلي، تصبح قوية بشكل ملحوظ.”
وكان غراهام في الماضي ينظر إلى العناكب باعتبارها كائنات مزعجة، إلا أنه الآن يرى فيها إمكانات واعدة لحل مشاكل حقيقية، حيث يمكن أن تمثل خيوط العنكبوت الاصطناعية بديلاً ممتازًا للمواد الاصطناعية الأخرى التي تُصنع عادة من مشتقات النفط.