حذر كلاوس بيزنباخ، مدير متحف في برلين، من خطر نشوء صراع ثقافي عالمي تقوده الولايات المتحدة في ظل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. وفي تصريحات له لمجلة “دير شبيغل” الألمانية، عبر بيزنباخ عن قلقه من تحول المشهد الثقافي إلى ساحة معركة، حيث قال: “في ظل وجود ترامب، نشهد جزءًا ثانيًا من المأساة ولا يسعنا سوى أن نأمل ألا يكون هناك جزء ثالث”.
وأوضح بيزنباخ أن معسكر ترامب لا يمتلك فقط نفوذًا سياسيًا أكبر مما كان عليه في ولايته الأولى، بل يسعى أيضًا إلى تنفيذ ثورة ثقافية تساهم في تعزيز هيمنته السياسية عبر “الأوليغارشية” التي يحيط نفسه بها. كما وصف الوضع بأنه “ثورة ثقافية” تهدد بإعادة تشكيل قيم المجتمع الأمريكي وربما العالمي.
نقد لثقافة “التنوع والمساواة” (DEAI)
بيزنباخ، الذي يحمل الجنسيات الأمريكية والألمانية، رأى أن الثقافة الأمريكية المعاصرة في عالم الفن أصبحت محاصرة بالقوانين التي تتعلق بما يُعرف في أمريكا بـ “DEAI” (التنوع، المساواة، إتاحة الوصول بلا عوائق، والاندماج). هذه المعايير التي تهدف إلى توسيع تمثيل الفئات المهمشة في عالم الفن، تسببت في جدل واسع:
“أصبح الأمر لا يُطاق للكثيرين، بما فيهم أنا. كنا في البداية نحاول دعم فناني النساء والفنانين السود، لكن الآن أصبح الأمر أكثر من أن يُحتمل”.
المعارض الفنية والتحديات السياسية
بيزنباخ، الذي كان له دور بارز في تغيير المشهد الفني في برلين في التسعينيات، عاد إلى برلين في عام 2022 لتولي إدارة المعرض الوطني الجديد. لكن سرعان ما وجد نفسه في وسط جدل سياسي حاد أثناء افتتاح معرض للمصورة نان جولدين، التي اتهمت إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة.
في هذا السياق، ألقى بيزنباخ كلمة مضادة لجولدين في معرضها، مما أثار اعتراضات قوية من النشطاء المؤيدين لفلسطين. ومع ذلك، رفض بيزنباخ إلغاء الدعوة لجولدين، على الرغم من الضغوط الكبيرة.
وأكد بيزنباخ في حديثه: “كنت أعلم أنها سترغب في التعبير عن رأيها… لكنني لم أفكر لثانية واحدة في إلغاء دعوتها حتى وإن كان ذلك يعني أنني سأضطر للرحيل من هنا”.
التفاعل مع الاحتجاجات
في ختام المعرض، قال بيزنباخ إن خطابه المضاد حظي بتفاعل غير متوقع، حيث تم استقبال كلامه بـ “القبلات”، في إشارة إلى الدعم الذي تلقاه من البعض رغم الاحتجاجات الحادة.
التوجهات الثقافية في ظل التوترات السياسية
من خلال تصريحاته، يظهر بيزنباخ قلقه من اتجاه السياسة الثقافية في العالم الغربي، مشيرًا إلى التوترات المتزايدة بين القيم الثقافية التقليدية والأنماط الجديدة المدفوعة بالعوامل السياسية، كما في حالة “الثورة الثقافية” التي قد يكون ترامب في صميمها.