الصلع عند الرجال

يُعد الصلع الوراثي من أكثر المشاكل شيوعًا التي تؤرق ملايين الرجال والنساء حول العالم، وغالبًا ما يظهر تدريجيًا ويصعب إيقافه بمجرد بدايته. وعلى الرغم من وجود علاجات دوائية مثل المينوكسيديل والفيناسترايد، إلا أن فعاليتها محدودة، وقد تتسبب في آثار جانبية غير مرغوبة.

لكن مؤخرًا، كشف باحثون عن علاج واعد يعتمد على مركب طبيعي موجود في أجسامنا، قد يشكّل ثورة في مكافحة تساقط الشعر دون مضاعفات تُذكر.

ووفقًا لتقرير نشره موقع Science Alert نقلًا عن دورية Frontiers in Pharmacology، اكتشف علماء من جامعتي شيفيلد البريطانية وكومساتس الباكستانية أن سكر “الديأوكسي ريبوز” – وهو جزء أساسي من الحمض النووي – قد يساهم في تحفيز نمو الشعر عند استخدامه موضعيًا.

بدأت الفرضية عندما لاحظ الباحثون أثناء دراسة تأثير هذا السكر على التئام الجروح في الفئران، أن الشعر حول مناطق الإصابة نما بسرعة أكبر مقارنة بمناطق أخرى. دفع هذا الاكتشاف الفريق للبحث بشكل أعمق.

في دراسة نُشرت في يونيو 2024، استخدم العلماء ذكور فئران تعاني من تساقط الشعر المرتبط بهرمون التستوستيرون، وجرى إزالة الشعر من ظهورها، ثم طُبّق جل يحتوي على سكر الديأوكسي ريبوز على المناطق المصابة يوميًا. وخلال أسابيع، لوحظ نمو شعر كثيف وطويل وسميك، يُضاهي تأثير دواء المينوكسيديل المستخدم حاليًا.

وصرّحت المهندسة شيلا ماكنيل من جامعة شيفيلد قائلة:
“تشير النتائج إلى أن تعزيز تدفق الدم إلى بصيلات الشعر باستخدام سكر الديأوكسي ريبوز الطبيعي يمكن أن يكون مفتاحًا بسيطًا وفعّالًا لتحفيز نمو الشعر.”

لذلك، طور الفريق جلًا حيويًا غير سام وقابلًا للتحلل يحتوي على هذا السكر، وجرّبوه على نماذج فئران مصابة بالصلع الوراثي. كما أُجري اختبار آخر بمزج هذا العلاج مع المينوكسيديل.

وأظهرت النتائج أن كلاً من الجل وسكر الديأوكسي ريبوز عززا نمو الشعر بنسبة تصل إلى 80-90%، دون أن يؤدي الجمع بينهما إلى زيادة إضافية. وتبيّن أن التحسين في تدفق الدم إلى بصيلات الشعر هو العامل الحاسم في فعالية العلاج.

وفي حال أثبت هذا العلاج فعاليته على البشر، فقد يُستخدم مستقبلاً لعلاج الصلع الوراثي، الثعلبة، أو حتى تحفيز نمو الحواجب والرموش بعد الخضوع للعلاج الكيميائي.

يُذكر أن الصلع الوراثي (الثعلبة الأندروجينية) ينتج عن مزيج من العوامل الوراثية، والهرمونات، والشيخوخة، ويصيب نحو 40% من الأفراد حول العالم. وحتى اليوم، لم تُوافق إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) إلا على علاجين هما المينوكسيديل والفيناسترايد، وكلاهما يُظهر فاعلية متفاوتة وقد يسبب آثارًا جانبية، لا سيما الفيناسترايد الذي يُحذر من استخدامه للنساء، لما قد يسببه من مضاعفات مثل ضعف الانتصاب أو الاكتئاب.

وعلى الرغم من أن البحث الجديد لا يزال في مراحله المبكرة، فإن النتائج الأولية تبدو واعدة وتستحق المزيد من الدراسات السريرية.

البحث