بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات ونصف على عودة طالبان إلى الحكم في أفغانستان عام 2021، دخلت الأمم المتحدة في مفاوضات مباشرة مع سلطات الحركة، بهدف إعادة إدماجها في المجتمع الدولي ضمن صفقة تُطرح للمرة الأولى.
جاءت هذه الخطوة عقب زيارة وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، توم فليتشر، إلى أفغانستان الأسبوع الماضي، حيث التقى كبار قادة طالبان في كابل وقندهار، مقدماً عرضاً أممياً يشمل دعمًا دوليًا مشروطًا بإصلاحات داخلية، تمهيدًا لتطبيع العلاقات الدولية مع الحركة.
شروط أممية للمصالحة الدولية
خلال اللقاءات، اقترح فليتشر ثلاث شروط أساسية لقبول طالبان مجددًا على الساحة الدولية، وهي: تشكيل حكومة جامعة، القضاء على وجود الجماعات الإرهابية في البلاد، واحترام حقوق الإنسان، لا سيما في ما يتعلق بتعليم الفتيات وسماحهن بالعمل.
مطالب طالبان المقابلة
في المقابل، طالبت طالبان بالاعتراف الرسمي بحكومتها، ورفع العقوبات المفروضة على قياداتها، إلى جانب الإفراج عن الأصول المالية الأفغانية المجمدة في الولايات المتحدة وأوروبا، والتي تقدّر قيمتها بنحو 9 مليارات دولار.
وقد اتفق الطرفان على خطة عمل تمتد على مدى ستة أشهر، تتضمن مفاوضات تدريجية وتنفيذًا متزامنًا للشروط المقترحة من كلا الجانبين.
دور بريطاني وإشراف مباشر من قيادة طالبان
كشف مسؤول في طالبان لموقع “العربية.نت” أن دولًا كبرى، من بينها بريطانيا، ساهمت في صياغة خطة المفاوضات، حيث عبّر القائم بالأعمال البريطاني في كابل، روبرت ديكسون، خلال لقائه بوزير اللاجئين في حكومة طالبان مولوي عبد الكبير، عن دعم بلاده لهذه المبادرة.
وأكد المسؤول أن المفاوضات تجري بإشراف مباشر من زعيم طالبان، الملا هبة الله آخوندزاده، وبموافقة كبار القيادات في كابل.
معارضة من بعثتي أفغانستان في الأمم المتحدة
في المقابل، عبّرت بعثتا أفغانستان لدى الأمم المتحدة في نيويورك وجنيف، والتابعتان للحكومة الأفغانية السابقة، عن رفضهما الكامل للخطة، ووصفتاها بأنها “غير مسؤولة”، واتهما بعض عناصر بعثة “يوناما” بأنهم يعانون “من متلازمة ستوكهولم”.
وقال مندوب أفغانستان الدائم لدى الأمم المتحدة، نصير أحمد فائق، إن مقترح “يوناما” جاء استنادًا إلى تقرير المنسق الأممي الخاص لأفغانستان، فريدون سنيرلي أوغلو، مشيرًا إلى أن الخطة لا تزال في إطار المشاورات ولم تُعتمد رسميًا بعد.
كذلك، انتقد مندوب أفغانستان في جنيف، نصير أنديشه، المقترح، معتبرًا أنه يفتقر إلى التوافق الشعبي والدولي، ولا يحظى بدعم دول مجموعة السبع أو شعوب المنطقة.
وعد بمقعد أممي مقابل حكومة جامعة
من جهته، عرض توم فليتشر على طالبان تسليمها المقعد الدائم لأفغانستان في الأمم المتحدة في حال تشكيل حكومة جامعة، ما يمثّل أولى خطوات التطبيع الدولي مع الحركة. وكانت طالبان قد رشحت سهيل شاهين، رئيس مكتبها السياسي في قطر، كمندوب دائم لها لدى الأمم المتحدة.
وبينما رحّبت طالبان بالمفاوضات واعتبرت نيلها لمقعد الأمم المتحدة بوابة لتوسيع علاقاتها الدولية، شدد المندوب فائق على أن ما يُشاع حول ذلك مجرد أخبار غير مؤكدة.