يتساءل كثيرون: ما العامل الأكثر تأثيراً في تحديد الصحة العامة: الجينات أم نمط الحياة؟
الإجابة، بحسب الخبراء، هي أن كلا العاملين له دور مهم، إلا أن الفرق يكمن في أن نمط الحياة يمكن تغييره، بينما لا يمكن التحكم بالجينات.
تأثير نمط الحياة وظروف المعيشة
تشير الدراسات إلى أن خياراتنا اليومية—من النظام الغذائي، والنشاط البدني، والنوم، والتدخين، والعلاقات الاجتماعية—تلعب دوراً محورياً في تحديد جودة صحتنا. كما تؤثر الظروف الاجتماعية والاقتصادية، مثل الدخل والحالة الاجتماعية، على فرص الإصابة بالأمراض.
المعمّرون والاستثناء الجيني
في حالات نادرة، يلعب العامل الوراثي دوراً بارزاً، كما هو الحال مع بعض المعمّرين الذين تجاوزوا سن المئة رغم ممارسات غير صحية مثل التدخين. ويعكف العلماء حالياً على دراسة الجينات “الواقية” التي تساعد هؤلاء على تجاوز التأثيرات السلبية لنمط الحياة.
دراسة عالمية من «نيتشر ميديسين»
أجابت دراسة حديثة نُشرت في دورية “نيتشر ميديسين” في 19 فبراير/شباط 2025 على هذا السؤال. قاد البحث علماء من جامعة هارفارد وعدة مؤسسات دولية، حيث جمعوا بيانات ضخمة من مئات الآلاف من الأشخاص حول العالم، تتضمن معلومات وراثية، وسجلات مرضية، وخيارات حياتية، وظروف اجتماعية.
الجينات تتفوق في أمراض… ونمط الحياة في أخرى
توصلت الدراسة إلى أن الأمراض مثل الخرف، والتنكس البقعي، وسرطانات الثدي والبروستاتا والقولون، كانت مرتبطة بشكل أكبر بالعوامل الوراثية.
أما أمراض القلب والشرايين، والرئة، والكبد، والتهاب المفاصل الروماتويدي، فكان لنمط الحياة وظروف المعيشة تأثير أوضح عليها.
عوامل سلبية مؤثرة
وسلطت الدراسة الضوء على عدد من العوامل السلبية المرتبطة بنمط الحياة، منها:
التدخين
الفقر أو تدني الوضع الاجتماعي
العزلة الاجتماعية
قلة النشاط البدني
الحرمان من النوم
التقلبات النفسية والمزاجية
بل إن بعض المؤشرات تبدأ منذ الطفولة، مثل تعرض الأم للتدخين أثناء الحمل أو انخفاض وزن الطفل عند الولادة.
خلاصة: الجينات مهمة… ولكن نمط الحياة أكثر قابلية للتغيير
رغم التقدم في تقنيات تعديل الجينات، مثل تقنية “كريسبر”، فإن القدرة على تغيير التركيبة الوراثية للإنسان لا تزال محدودة، وقد تظل كذلك لعقود قادمة.
لذلك، تؤكد الدراسة أن اختيارات نمط الحياة تظل العامل الأكثر تأثيرًا وقابلية للتغيير، في تحسين الصحة أو تدهورها.
وتختتم الدراسة بدعوة واضحة:
لتحسين الصحة العامة، لا يكفي تغيير العادات الفردية فقط، بل يجب أيضًا الاستثمار في السياسات العامة التي تدعم الفئات المحرومة وتعزز أنماط الحياة الصحية.