السلاح الفلسطيني في لبنان

كتب طارق أبو زينن في نداء الوطن:

شكل عام 2025 نقطة تحوّل تاريخية في ملف السلاح الفلسطيني داخل المخيمات في لبنان، فشهد العام الحالي انتقالًا واضحًا من مرحلة الإدارة الموقتة والتهدئة الهشة إلى فرض توجّه فعلي لتسليم السلاح، بقرار سياسي تقوده السلطة الفلسطينية وبإشراف مباشر من مبعوث الرئيس الفلسطيني إلى لبنان، ياسر محمود عباس، الذي لعب دورًا محوريًا في التنسيق السياسي والأمني مع الدولة اللبنانية، وضمان تطبيق التفاهمات التدريجية بين الرئاسة الفلسطينية ورئاسة الجمهورية اللبنانية.

كسر “الاستثناء”

في هذا السياق، تحدثت مصادر مطلعة لبنانية لـ “نداء الوطن” فشددت على أنه للمرة الأولى منذ عقود وُضع سلاح المخيمات على طاولة التنفيذ لا النقاش، وخرج من خانة “الاستثناء الدائم” إلى الإجراءات العملية، نتيجة تراكم ضغوط لبنانية داخلية ومناخ إقليمي ودولي يدفع نحو حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية وتطبيق القرارات الدولية دون استثناءات. وتم التعامل مع السلاح الفلسطيني كجزء من الإشكالية السيادية اللبنانية، وليس مجرد ملف داخلي يمكن عزله أو تدويره، ما شكّل تغييرًا جوهريًا في المقاربة الرسمية وإدارة العلاقة مع المخيمات.

وأضافت المصادر أن المسار اصطدم سريعًا بالانقسام الفلسطيني الداخلي، حيث تصدّرت حركة “حماس” جبهة الاعتراض ورفضت أي تفاهمات لا تتوافق مع حساباتها. وترى الحركة أن قرار تسليم السلاح اتُخذ أحاديًا ومن خارج الأطر الجامعة للفصائل، وتسعى إلى تنفيذ أجندات خارجية على حساب السيادة اللبنانية، ما جعل العملية محصورة بفصائل منظمة التحرير الفلسطينية. رغم ذلك، واصل ياسر محمود عباس الدفع بالتوجّه قدمًا، معتمدًا سياسة فرض الأمر الواقع التدريجي وتطبيق التفاهمات بين الرئيسين محمود عباس وجوزاف عون، مع الأخذ بالاعتبار الاستقرار الإقليمي والدولي وتأثيره على الأمن في لبنان.

لفتة اجتماعية

وفي لفتة اجتماعية ودينية بارزة، أضاء السفير محمد الأسعد، نيابة عن الرئيس محمود عباس، شجرة الميلاد في مخيم ضبية وسط أجواء احتفالية، في رسالة واضحة تعكس تعزيز الروابط الاجتماعية والدينية مع المجتمع المحلي. كما شملت الزيارات بلدة العيشية، حيث قدّم السفير أيقونات دينية لرئيس البلدية وكاهن الرعية، وانتقل بعدها إلى بلدة جبشيت لوضع إكليل من الزهور على ضريح العلامة الراحل السيد هاني فحص، في خطوة رمزية تجسد الاحترام للرموز الوطنية والدينية وتعزز جسور التواصل مع اللبنانيين .

فتح أفق جديد

وترى القيادة الفلسطينية أن استمرار الواقع القائم لم يعد يخدم اللاجئين الفلسطينيين، فالسلاح خارج الإطار الرسمي لا يوفر حماية حقيقية ولا أفقًا للاستقرار في ظل التحولات الإقليمية. ويظل نجاح هذا التوجّه مشروطًا بشراكة لبنانية جدية، تعي أن الأمن لا ينفصل عن البعد الإنساني، وأن ضبط السلاح لن يكتمل من دون تحسين أوضاع المخيمات وضمان الحقوق الأساسية للفلسطينيين، بما يشمل الدعم الاقتصادي والاجتماعي ومتابعة المجتمع الدولي لتوفير حماية قانونية وحقوقية .

البحث