مع اقتراب موسم الشتاء، تزداد الإصابات بنزلات البرد والإنفلونزا، مما يدفع الكثيرين إلى الاعتماد على فيتامين C أو المشروبات التقليدية مثل الزنجبيل مع العسل والليمون. لكن خبراء التغذية والمناعة يؤكدون أن تقوية جهاز المناعة لا تتحقق من خلال مكوّن واحد، بل من خلال نظام غذائي متكامل ونمط حياة صحي.
التغذية… خط الدفاع الأول
توضح د. جينا ماتشيوكي، أستاذة علم المناعة في بريطانيا، أن نحو 70% من جهاز المناعة يعتمد على صحة الأمعاء، ما يجعل التغذية الجيدة حجر الأساس في الحماية من الأمراض. وتشير إلى أن الفيتامينات والمعادن الأساسية مثل A، C، D، الزنك، الحديد، المغنيسيوم، والسيلينيوم تعمل معًا لتعزيز المناعة، ولا يمكن لأي عنصر أن يقوم بالمهمة بمفرده.
- عصير البرتقال ومصادر فيتامين C
رغم أن فيتامين C لا يمنع الإصابة بالزكام، إلا أن استهلاكه المنتظم قد يقلل من شدة الأعراض ومدتها.
تقول أخصائية التغذية د. كاري روكستون إن “كوبًا من عصير البرتقال الطبيعي يمنح أكثر من 80% من الحاجة اليومية لفيتامين C”.
ويُوصى بتناول 200 ملغ من الفيتامين يوميًا، في حين أن كثيرين لا يتجاوزون 80 ملغ.
مصادر أخرى مهمة: الكيوي، الفلفل الأحمر، التوت، الغريب فروت، والخضراوات الورقية.
- الزبادي والأطعمة المخمّرة
تشير الدراسات إلى أن تناول أطعمة مثل الزبادي، الجبن، والمخللات الطبيعية (مثل الكيمتشي) يعزز من تنوع البكتيريا النافعة في الأمعاء، ما يدعم جهاز المناعة.
دراسة من جامعة “ستانفورد” أظهرت انخفاضًا في مستويات الالتهاب وتحسنًا في المناعة بعد 10 أسابيع من استهلاك هذه الأطعمة.
تقول د. ماتشيوكي: “حتى عبوة زبادي واحدة يوميًا يمكن أن تُحدث فرقًا حقيقيًا في توازن الأمعاء”.
- الأسماك الدهنية وفيتامين D
يُعد فيتامين D أساسيًا لمحاربة التهابات الجهاز التنفسي.
بحسب البروفيسور دانيال ديفيس من “إمبريال كوليدج لندن”، فإن هذا الفيتامين ينشط الخلايا التائية ويحفز إنتاج بروتينات تقاوم البكتيريا.
ونظرًا لنقص فيتامين D لدى ثلث السكان خلال الشتاء، يُنصح بتناول أسماك مثل السلمون، الماكريل، والسردين، أو اللجوء إلى مكملات غذائية.
- المحار ومصادر الزنك
يحتوي المحار على كميات كبيرة من الزنك، الذي يلعب دورًا حيويًا في تجديد خلايا المناعة ومحاربة الفيروسات.
كل 100 غرام من المحار النيئ يحتوي على حوالي 16 ملغ من الزنك، وهي الكمية اليومية الموصى بها.
مصادر بديلة للزنك: البقوليات، المكسرات، والمأكولات البحرية الأخرى.
- اللحوم الحمراء الخالية من الدهون
خلافًا للاعتقاد السائد، فإن اللحوم الحمراء القليلة الدسم ليست ضارة إذا تم تناولها باعتدال، بل إنها مصدر مهم للبروتين، الحديد، الزنك، وفيتامينات B.
تشير بعض الدراسات إلى أن 10% من النساء يعانين من نقص الحديد، مما يؤدي إلى التعب وضعف المناعة.
كما يمكن الحصول على الحديد من مصادر نباتية مثل الفول، الحمص، الفواكه المجففة، والمكسرات، ويُنصح بتناولها مع أطعمة غنية بفيتامين C لتحسين الامتصاص.
نمط الحياة أهم من الطعام وحده
تحذر د. ماتشيوكي من الاعتماد على الطعام وحده في تقوية المناعة، وتؤكد أن قلة النوم، التوتر المستمر، وقلة النشاط البدني قد تضعف الجهاز المناعي، حتى مع أفضل الأنظمة الغذائية.
وتختم بالقول: “تعزيز المناعة ليس مجرد وصفة غذائية، بل أسلوب حياة متكامل يشمل الراحة والحركة والتوازن النفسي”.