في تطوّر علمي قد يعيد رسم ملامح الابتكار العالمي، أعلنت شركة Google DeepMind عن نظام جديد يحمل اسم AlphaEvolve، يتمتع بقدرات غير مسبوقة في معالجة وحل مسائل رياضية معقّدة حيّرت العلماء على مدى عقود.
ما يميّز AlphaEvolve ليس فقط سرعته في الوصول إلى حلول، بل قدرته على ابتكار طرق جديدة كليًا من خلال دمج نماذج اللغة الكبيرة (LLMs) بخوارزميات تقييم تفاعلية تقوم بتنقيح وتطوير الأفكار ذاتيًا وبشكل تدريجي.
على عكس الأدوات السابقة المصمّمة لمهام محددة، يتمتع AlphaEvolve بمرونة عالية تجعله قادرًا على التعامل مع طيف واسع من التحديات العلمية، عبر ما يُشبه دورة تطوّر للأفكار: إذ يُدخل العلماء مسألة علمية ويضعون معايير للحل، ليقوم النظام بتوليد مئات التعديلات وتقويمها داخليًا واختيار الأنسب منها، ما يؤدي إلى حلول مبتكرة دون تدخل بشري مباشر.
وبحسب تقرير نشره موقع Scientific American، لم يبقَ AlphaEvolve محصورًا في نطاق المختبر، بل أثبت فعاليته العملية داخل Google نفسها، حيث ساهم في تطوير الجيل الجديد من معالجات الذكاء الاصطناعي (TPUs) وأعاد تنظيم توزيع المهام في مراكز البيانات، ما أدّى إلى توفير نحو 0.7% من إجمالي موارد الشركة — وهي نسبة ضخمة على هذا المستوى من البنية التحتية.
أحد أهم إنجازات AlphaEvolve كان ابتكار خوارزمية جديدة لضرب المصفوفات، تفوقت في بعض الحالات على خوارزمية فولكر شتراسن التي تعود لعام 1969، والتي لطالما اعتُبرت الأفضل. ويُعد هذا النوع من العمليات جوهريًا في تدريب الشبكات العصبية، ما يُعزز أهمية الإنجاز.
النظام مبني على منصة FunSearch التي أُطلقت عام 2023، لكنه يتفوق عليها بقدرته على التعامل مع رموز أكبر وخوارزميات أكثر تعقيدًا، إضافة إلى توسيع مجالات استخدامه لتشمل العلوم والهندسة.
مع ذلك، يرى خبراء مثل سيمون فريدر من جامعة أوكسفورد أن قدرات AlphaEvolve ما تزال مشروطة بإمكانية تحويل المشكلات إلى أكواد قابلة للتقييم. بينما دعا باحثون آخرون مثل هوان صن إلى المزيد من التجارب المفتوحة داخل المجتمع العلمي قبل تبني نتائج AlphaEvolve كمرجع نهائي.
ورغم أن النظام أقل استهلاكًا للطاقة مقارنة بسلفه AlphaTensor، إلا أن تكلفته العالية تقف حائلًا دون طرحه للعامة في الوقت الحالي. لكن Google DeepMind أكدت التزامها بإتاحة أدواته تدريجيًا للباحثين حول العالم، على أمل أن يُسهم في دفع حدود العلم نحو آفاق جديدة.