لم تكن رحلة أريني سلوت نحو لقب الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم سريعة أو درامية كما كانت مع سلفه يورغن كلوب، لكنها لا تقل أهمية أو احتفالًا.
نجح مدرب ليفربول الجديد، عبر أسلوب أكثر تحفظًا، في منح الفريق استقرارًا فنيًا فاق جميع منافسيه، مكافئًا جماهير “أنفيلد” بلقب حُسم قبل أربع جولات من النهاية، في مشهد طال انتظاره منذ أن حُرموا من الاحتفال باللقب عام 2020 بسبب جائحة كوفيد-19.
وقد استفاد سلوت، ربما دون توقع، من تألق كل من النجم المصري محمد صلاح، والهولندي فيرجيل فان دايك، الذي رغم اقترابه من عامه الرابع والثلاثين عاد ليؤكد مكانته كأفضل قلب دفاع في العالم.
رغم أن صفقة المهاجم الإيطالي فيديريكو كييزا كانت الإضافة الوحيدة على التشكيلة التي ورثها من كلوب، استطاع سلوت استثمار إمكانات اللاعبين بأفضل صورة، بعد أن كان الفريق قد أنهى الموسم السابق ثالثًا خلف مانشستر سيتي بفارق 9 نقاط.
وسريعًا، بدأ سلوت يضع بصمته، فتحوّل رايان غرافينبيرخ، الذي كان مجرد بديل في عهد كلوب، إلى ركيزة لا غنى عنها في وسط الملعب. وعلى الرغم من سعي النادي للتعاقد مع الإسباني مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، فإن الصفقة فشلت، مما دفع سلوت إلى الاعتماد على غرافينبيرخ كلاعب ارتكاز.
وعلى مدى الأشهر الأولى، برز غرافينبيرخ كأحد أبرز نجوم ليفربول، إلى جانب تألق صلاح وفان دايك، مما أعاد تسليط الضوء على سمعة سلوت كمدرب بارع في تطوير اللاعبين.
وتكوّن العمود الفقري لانتصارات ليفربول من الثلاثي: صلاح، وفان دايك، وترينت ألكسندر-أرنولد، إذ لم يتعرض الفريق سوى لهزيمة واحدة في أول 30 مباراة بالدوري، ووسع الفارق مع منافسيه إلى 13 نقطة بحلول نهاية فبراير.
وأدرك سلوت أن صلاح، الذي بلغ 32 عامًا، لم يعد قادرًا على السيطرة على مجريات المباريات بالكامل، فعمل على تعديل أسلوب لعبه، ليقدم النجم المصري واحدًا من أفضل مواسمه التهديفية منذ 2017-2018 بتسجيله 42 هدفًا.
أما فان دايك، فقد جسد شخصية القائد المثالي، مثبتًا جدارته كأفضل مدافع في البطولة، بينما واصل ألكسندر-أرنولد تقديم تمريراته الحاسمة رغم الشائعات التي ربطته بريال مدريد.
وساعد النجاح الجماعي هذا الموسم على تخفيف المخاوف بشأن مستقبل الفريق، ما سمح لسلوت بالعمل بهدوء خلف دور المدير الرياضي ريتشارد هيوز.
ورغم حنكته، لم يتردد سلوت في اتخاذ قرارات صعبة؛ فقد استبدل المدافع الشاب جاريل كوانساه مبكرًا في مباراته الأولى أمام إيبسويتش تاون، كما تضاءل دور لاعبين مثل أندي روبرتسون وفيديريكو كييزا، إضافة إلى استبعاد واتارو إندو وهارفي إليوت من حساباته.
ورغم النجاحات، ما تزال هناك تحديات، أبرزها فشل سلوت في دمج داروين نونيز الذي عانى من تذبذب كبير في مستواه، مما يلقي بظلال من الشك على مستقبله مع الفريق.
وبينما بدأت خطط الإعداد للموسم الجديد تأخذ شكلها، لا تزال احتفالات لقب هذا الموسم في بدايتها، وسط أجواء من الفرح الكبير في “أنفيلد”.