كتبت إيفانا الخوري في الـ Entrevue:
أن تكون المرأة أمًا يعني أن تتحدى نفسها كلّ يوم لتستمر وتعطي. ويعني أيضًا أن تشعر بتأنيب الضمير حين تضع طفلها أولوية على حساب نفسها وعملها وطموحها وتشعر بالتأنيب نفسه حين تضع نفسها وهذا حقها أولوية، فتعيش صراعًا لا ينتهي. سيما في مجتمع يضع معايير مثالية للأمومة وتكون المقارنة حاضرة دومًا والضغوطات فيه على المرأة كثيرة.
الأمومة نوع من العمل الأبدي، لا يتركك ولا تتركينه منذ اللّحظة التي تعرف الواحدة منّا أنها ستصبح أمًا إلى حين انقضاء عمرها في تقديم الحب والعاطفة بأشكال مختلفة. وإن كانت الأم العادية تواجه تحديات كثيرة في المجتمعات في الخارج فإنّ الأم اللّبنانية تواجه مصاعب كبيرة. ويمكن القول إنّ انتقاص حقوق الأم البديهية هو أكثر ما يمسّ بأمومة كلّ لبنانية.
حيث تُحرم المرأة اللّبنانية من إعطاء الجنسية لابنها أو ابنتها لأسباب سياسية – طائفية. تخيلوا أنّ ابن اللّبنانية يرث صفاتها كلّها باستثناء الجنسية! ولا يقتصر التجاوز على ذلك بل يصل إلى استمرار المرأة بالاحتكام للمحاكم الدينية عند وقوع الطلاق وبعدها تبدأ في معركة الحضانة مع أنّ ابنها حقها إلّا أنّ لبعض المحاكم الدينية نظرة أخرى تُجبر أمًا على النوم بعيدًا من تخت ابنها إن اختارت الهروب من معنف أو إنهاء زواج فاشل.
وإن كانت الأم اللّبنانية تعاني، فإنّ المرأة اللّبنانية المتزوجة تعاني أيضًا. لأنّ أسئلة المجتمع والعيون الفضولية تلاحقها بعد زواجها بأشهر وتصر عليها للإنجاب حتى ولو كانت الواحدة منّا لا تؤمن بالإنجاب ولا تريده أو تؤجله. أمّا الأم التي لا تُنجب لمشاكل صحية فهي الأخرى توصم في المجتمع اللبناني وينظر البعض إليها كامرأة ناقصة.
وإن كان عيد الأم في العالم هو للاحتفاء بالأمهات مع قدوم الربيع، فإنه فرصة في لبنان لإعلاء الصوت أيضًا علّ حق الأم يُصان وعلّ المجتمع يترك كلّ واحدة فيها وشأنها.
واليوم، لا نعايد نحن، الأمهات المنجبات فقط بل كل امرأة تلعب هذا الدور أيضًا وكل امرأة اختارت التبني أيضًا. على أمل أن تحمل التغييرات السياسية في لبنان معها ما يُفرج هموم الأمهات ويُنصف حقوقهنّ.