في ديسمبر 2025، بدا أن إيلون ماسك قرر خوض معركة مفتوحة على جبهة الذكاء الاصطناعي، ليس من خلال المؤتمرات أو البيانات الصحفية، بل عبر منصة يعرفها جيدًا: “إكس”.
حول ماسك حسابه الشخصي إلى ما يشبه غرفة عمليات دعائية لصالح غروك، نموذج الذكاء الاصطناعي الذي تطوره شركته “إكس إي.أي”، في حملة غير مسبوقة من حيث الوتيرة والحدة.
سردية التفوق عبر التغريدات
على مدار الأسابيع الأخيرة، نشر ماسك عشرات التغريدات يوميًا تقريبًا، وصف فيها غروك بأنه “الأدق، والأصدق، والأقل تحيزًا”، مستخدمًا السخرية والمقارنات المباشرة مع المنافسين.
في 26 ديسمبر، على سبيل المثال، علق على أخطاء نسبها إلى “شات جي بي تي” و”جيميني” حول دخل مدينة لوس أنجلوس، وطلب من غروك تقديم “الإجابة الصحيحة مع roast فاضح”، في مشهد أثار تفاعلًا واسعًا وأعاد الجدل حول دقة النماذج المنافسة.
حرص ماسك على تكرار عبارة “Grok it” كبديل لـ”Google it”، في محاولة لتحويل غروك من أداة تقنية إلى عادة يومية. كما أشار إلى تفوقه في مهام الكتابة والمنطق مقارنة بـ Claude، واعتبر ذلك دليلًا على نضج النموذج وقدرته على منافسة الكبار.
الأرقام والإحصاءات
اعتمد ماسك أيضًا على الأرقام والمؤشرات: تصدر غروك لوحات الأداء في منصات مقارنة النماذج مثل OpenRouter، سواء في البرمجة أو ما يسميه “الذكاء العاطفي”، مع نتائج متقدمة في اختبارات مركبة مثل τ⊃2;-Bench.
وأشار إلى نمو المستخدمين اليوميين لأكثر من 10 ملايين، وتقييمات مرتفعة في متاجر التطبيقات، مع تصدر التطبيق في كوريا الجنوبية، لتعزيز سردية “النمو المتسارع”.
ولم يقدم ماسك غروك كمنتج واعد فقط، بل كبديل قادر على انتزاع حصة سوقية حقيقية في الولايات المتحدة وخارجها.
استخدام يومي وتجربة شاملة
إلى جانب الدقة والمنطق، سلط ماسك الضوء على ميزات قريبة من الحياة اليومية: تحرير الصور والفيديو، إضافة شخصيات مثل “سانتا” للصور العائلية، تعلم اللغات، ودمج غروك في محادثات “إكس”. كما تحدث عن “companions” آمنة للأطفال وقدرات “visual intelligence” لفهم الصور والمشاهد، في محاولة لإظهار غروك كنظام شامل يتجاوز الإجابات النصية.
ردود الفعل
لاقى الحملة تفاعلًا واسعًا، حيث حصدت بعض التغريدات مئات الآلاف من الإعجابات وإعادة النشر، مع احتفاء شريحة من المستخدمين بما وصفوه بنموذج “غير مقيد بالـ woke culture” وأكثر جرأة في الإجابات.
في المقابل، واجهت الحملة انتقادات تركزت على شخصية ماسك نفسه، أو اتهامات سياسية وإيديولوجية، مع شكاوى محدودة حول تحيزات سابقة في ردود غروك.
بعيدًا عن الضجيج، تكشف الحملة عن تحول عميق في تسويق تقنيات الذكاء الاصطناعي، إذ لم يترك ماسك مهمة الترويج لفرق العلاقات العامة، بل تولاها شخصيًا، مستخدمًا حضوره الرقمي وسلاحه النفوذ كسلاح تنافسي، ليصبح الصراع حول من يحدد المعيار في عصر الذكاء الاصطناعي ومن يمتلك الجرأة لخوضه علنًا.