السمع

في إنجاز طبي غير مسبوق، نجحت تجربة سريرية رائدة في استعادة السمع لدى أشخاص وُلدوا مصابين بصمم شديد، وهو ما كان يُعد مستحيلاً في السابق. فقد تمكّن فريق من الباحثين في مستشفى “تشونغدا” وجامعة جنوب غرب الصين من إعادة القدرة السمعية إلى 10 مشاركين تراوحت أعمارهم بين 18 شهراً و24 عاماً، باستخدام تقنية العلاج الجيني.

وبحسب نتائج الدراسة، أظهر جميع المرضى تحسناً ملحوظاً في السمع خلال شهر واحد فقط من بدء العلاج، ووصل بعضهم إلى مستوى سمع شبه طبيعي. وقد تمكّن عدد منهم من التحدث دون الحاجة إلى أجهزة سمعية لأول مرة في حياتهم.

توسيع نطاق العلاج

هذا النجاح اللافت لم يقتصر على الأطفال فقط، بل شمل مشاركين تجاوزوا مرحلة الطفولة المبكرة، وهو ما يدحض الاعتقاد السابق بأن التدخل الجيني لا يكون فعالاً إلا في سن الرضاعة. فقد تحسن سمع مراهق يبلغ من العمر 14.5 عاماً من الصمم الشديد إلى القدرة على سماع الأصوات عند 59 ديسيبل، بينما سجل شاب بالغ يبلغ 23 عاماً تحسناً ملموساً في قدرته السمعية.

تفاوت في النتائج حسب العمر

أظهر الأطفال بين 5 و8 سنوات تقدماً ملحوظاً، حيث وصل بعضهم إلى مستويات سمع شبه طبيعية. أما الأطفال الأصغر سناً، الذين يُفترض أن يتمتعوا بأذن داخلية أكثر مرونة وفعالية، فقد كانت نتائجهم أقل من المتوقع. وأوضح الباحثون أن هذا التفاوت غير المألوف يستوجب المزيد من البحث لفهم أسبابه.

العلاج وآليته

يعتمد العلاج على حقن فيروس معدّل جينياً يحمل نسخاً سليمة من جين OTOF إلى الأذن الداخلية. ويقوم هذا الفيروس بدور “الناقل الجزيئي”، حيث يزرع الجين السليم في خلايا الشعر الدقيقة داخل الأذن، وهي الخلايا المسؤولة عن استقبال وتحويل الأصوات. ويتم إيصال الفيروس من خلال عملية دقيقة تمر عبر عظمة الخشاء خلف الأذن، باستخدام إبرة فائقة الدقة تضخ كمية صغيرة جداً من محلول العلاج داخل تجاويف الأذن.

السلامة والآثار الجانبية

على مدار عام كامل من المتابعة، أثبت العلاج أمانه العالي، حيث اقتصرت جميع الآثار الجانبية المُسجّلة وعددها 162 على الأعراض الخفيفة إلى المتوسطة، وأكثرها شيوعاً كان انخفاضاً مؤقتاً في عدد العدلات (نوع من خلايا الدم البيضاء)، وهو عرض يمكن التعامل معه بسهولة دون الحاجة لعلاج إضافي.

وفي خطوة لافتة، تلقى أحد المرضى جرعة ثانية من العلاج في نفس الأذن بعد أربعة أشهر، دون مضاعفات، مما يشير إلى أن تكرار العلاج قد يكون آمناً وفعّالاً في تحسين النتائج بشكل إضافي.

أفق واعد لمستقبل الصم

يفتح هذا الإنجاز آفاقاً واسعة أمام استخدام العلاج الجيني لمعالجة أنواع أخرى من الصمم الوراثي، ويمنح الأمل لملايين الأشخاص حول العالم ممن وُلدوا بفقدان سمع شديد أو تام.

البحث