كشفت أبحاث حديثة عن اكتشاف مؤشر حيوي جديد في الدم يمكن أن يساهم في تفسير مشكلات الخصوبة لدى الرجال. أظهرت الدراسات أن الرجال الذين يعانون من مشاكل في الخصوبة يمتلكون مستويات منخفضة من الفوسفات في الدم، وهو اكتشاف قد يفتح آفاقًا جديدة لفهم العوامل البيولوجية المرتبطة بالصحة الإنجابية لدى الذكور.
وارتبطت مستويات الفوسفات المنخفضة أيضًا بتقليص حركة الحيوانات المنوية، ما يؤثر بشكل مباشر على القدرة الإنجابية لدى الرجال المصابين بالعقم. تم تقديم هذه النتائج خلال مؤتمر الجمعية الأوروبية لطب الغدد الصماء لدى الأطفال (ESPE) والجمعية الأوروبية لأمراض الغدد الصماء (ESE)، وقد تسهم هذه الاكتشافات في تعزيز الفهم العلمي حول العوامل التي تؤثر على الخصوبة الذكرية، مما قد يؤدي إلى تطوير علاجات جديدة لتحسين القدرة على الإنجاب.
التحليل والنتائج
على مدار الخمسين عامًا الماضية، تدهورت جودة السائل المنوي عالميًا، وتقلص عدد الحيوانات المنوية بشكل مثير للقلق. يُعزى العقم الذكوري إلى نحو نصف حالات العقم بشكل عام، لكن السبب الحقيقي يظل مجهولًا في العديد من الحالات. وقد تسهم عدة عوامل في تراجع الخصوبة لدى الرجال، مثل الوراثة، ونمط الحياة، والخيارات الغذائية، والاختلالات الهرمونية.
في هذه الدراسة، قام الباحثون من مستشفيات هيرليف الجامعي في كوبنهاغن وريغشوسبيتالت الجامعي بتحليل عينات من الدم والمني لـ1242 رجلاً يعانون من العقم في الدنمارك. وقد أظهرت النتائج أن 36% من هؤلاء الرجال يعانون من مستويات منخفضة من الفوسفات في الدم، وهو ما يمثل زيادة كبيرة مقارنة بنسبة 2-4% في عموم السكان. كما أظهرت الدراسة أن الرجال الذين يعانون من انخفاض معتدل في مستويات الفوسفات كان لديهم عدد أقل من الحيوانات المنوية المتحركة والمتقدمة مقارنة بالذين لديهم مستويات فوسفات طبيعية.
الإمكانية العلاجية
أوضح الدكتور سام كفاي يحيوي، المؤلف الرئيسي للدراسة، أن الفوسفات يلعب دورًا أساسيًا في إنتاج الطاقة وقوة العظام، ويمكن أن يكون له تأثير مباشر على خصوبة الرجال. وقال: “قد تكون هذه النتائج مؤشراً على أن الفوسفات يمكن استهدافه كعلاج لتحسين الخصوبة، ربما عن طريق تقديم مكملات الفوسفات لبعض الرجال الذين يعانون من العقم.”
وأكد الدكتور كفاي يحيوي أن الدراسة لا تثبت أن انخفاض مستويات الفوسفات هو سبب مباشر للعقم، لكنها تفتح المجال لفهم العلاقة بين الفوسفات والعقم الذكوري بشكل أوسع. وأشار أيضًا إلى أن الفريق قد اكتشف في دراسات سابقة أن الفوسفات له تأثير حيوي على وظيفة الخصية، حيث إن تركيزاته في السائل المنوي أعلى بكثير من تلك الموجودة في الدم.
التوجهات المستقبلية
من المتوقع أن تبدأ المرحلة التالية من البحث بتجارب خاضعة للرقابة، لاختبار تأثير مكملات الفوسفات على الخصوبة لدى الرجال. قد تمتد هذه الدراسات لتشمل تأثيرات الفوسفات على الخصوبة لدى النساء أيضًا، مما قد يؤدي إلى تطوير علاجات مبتكرة لتحسين الصحة الإنجابية لدى الجنسين.