العنف يترك آثاراً طويلة الأمد على الصحة النفسية والبدنية للأطفال

حذّرت دراسة بريطانية حديثة من أن الإساءة اللفظية التي يتعرض لها الأطفال، مثل الصراخ والشتائم، تُخلّف آثاراً نفسية عميقة وطويلة الأمد قد تضاهي، بل تتجاوز أحياناً، تأثيرات العنف الجسدي، داعيةً إلى التعامل معها بجدية مماثلة.

وأوضحت الدراسة التي أجراها باحثون من جامعة ليفربول ونُشرت في دورية BMJ Open، أن العنف اللفظي يترك بصمات سلبية على سبعة جوانب رئيسية من الصحة النفسية لدى البالغين، من بينها: ضعف الشعور بالقيمة الذاتية، انخفاض مستوى الاسترخاء، التشوش الذهني، صعوبة اتخاذ القرار، الشعور بالانعزال، وفقدان التفاؤل.

اعتمد الباحثون في تحليلهم على بيانات من سبع دراسات بريطانية امتدت بين عامي 2012 و2024، وشملت أكثر من 20 ألف شخص بالغ من إنجلترا وويلز، تم قياس مدى تعرضهم للعنف في الطفولة باستخدام أدوات معيارية تقيس التعرض للإساءة ومدى الرفاه النفسي في مرحلة البلوغ.

وكشفت النتائج أن الأشخاص الذين تعرضوا للإساءة اللفظية فقط في طفولتهم كانوا أكثر عرضة لانخفاض في الصحة النفسية بنسبة 64%، مقابل 52% فقط بين من تعرضوا للعنف الجسدي. وارتفعت هذه النسبة إلى 75% في حالات الجمع بين الإساءة اللفظية والجسدية.

كما أظهرت الإحصاءات أن قرابة 29% ممن تعرضوا لكلا النوعين من العنف في الطفولة يعانون من تدنٍ في الصحة النفسية لاحقاً، مقارنة بـ16% فقط بين من لم يتعرضوا لأي إساءة. أما من شعروا بعدم القرب من الآخرين، فبلغت نسبتهم 13.5% بين من تعرضوا للإساءة اللفظية فقط، مقابل 10% في حالات العنف الجسدي، و8% بين من نشأوا في بيئات خالية من العنف.

وأشار الباحثون إلى أن العنف الجسدي يُخلّف كدمات قد تندمل، لكن العنف اللفظي يترك ندوباً غير مرئية تؤثر في التركيبة النفسية للأطفال لسنوات طويلة. كما حذّروا من أن هذا النوع من الإساءة غالباً ما يُقلل من شأنه في البيئات الأسرية والتعليمية، رغم كونه مدمراً على المدى البعيد.

ودعا الفريق البحثي إلى توسيع نطاق حملات التوعية حول مخاطر العنف اللفظي، وتوفير موارد تربوية بديلة للآباء والمعلمين، تُمكّنهم من احتواء سلوكيات الأطفال دون اللجوء إلى التوبيخ أو الإهانات، وذلك في إطار حماية الصحة النفسية للجيل القادم.

البحث