أعلن البابا ليو الرابع عشر نيته الإقامة في الشقق البابوية داخل القصر الرسولي العائد للقرن السادس عشر، في خطوة تعيد التقليد القديم بعد أن اختار سلفه، البابا فرنسيس، الإقامة في دار سانتا مارتا الأكثر تواضعًا طوال فترة حبريته.
ووفقًا لصحيفة لا ريبوبليكا الإيطالية، تخضع الشقق المكونة من عشر غرف حاليًا لأعمال تجديد شاملة لتلائم احتياجات البابا الجديد وذوقه، بما في ذلك إصلاحات في البنية التحتية كمعالجة الرطوبة وتسرب المياه، وترميم أجزاء معمارية متضررة مثل الكورنيش المنفصل في إحدى نوافذ المطبخ.
ومن اللافت أن البابا ليو لن يقطن الشقق بمفرده، بل سيشاركه السكن ثلاثة أو أربعة رهبان، من بينهم سكرتيره الشخصي الأب إدغارد ريمايكونا. ويُعد ذلك سابقة في التاريخ الحديث، إذ لم يسبق أن تقاسم بابا الإقامة الرسمية في الطابق الثالث من القصر الرسولي مع آخرين.
وعن هذا القرار، قال مراسل الفاتيكان ياكوبو سكاراموتسي: “الأمر جديد في العصر الحديث، وربما يتعارض مع الأعراف السابقة، لكنه يعكس توجه البابا ليو نحو الحياة الجماعية المتأصلة في روح النظام الأوغسطيني الذي ينتمي إليه”.
الشقق البابوية، التي كانت المقر الرسمي للباباوات منذ عام 1870، تحتفظ بنوافذ تُطل على ساحة القديس بطرس، ومنها يُلقي البابا عادة كلماته الأسبوعية للمؤمنين. وتضم الشقة غرفة نوم، مكتبًا، جناحًا طبيًا، ومساحات استقبال رسمية. ومن الجدير بالذكر أن ثلاثة من آخر ستة باباوات توفوا في هذه الشقق، وهم يوحنا الثالث والعشرون، ويوحنا بولس الأول، ويوحنا بولس الثاني.
وكان البابا فرنسيس قد رفض السكن في هذه الشقق طوال فترة حبريته الممتدة لـ12 عامًا، واختار بدلًا من ذلك العيش في مكان أكثر بساطة. وعلى الرغم من هذا التحول، شدد الأب جيمس مارتن، الصحفي اليسوعي الأمريكي، على أن عودة البابا ليو إلى الشقق البابوية “لا تعني انتقادًا لسلفه”، بل هي “قرار حكيم يُظهر ثقته في حكمه الخاص، دون التخلي عن روح البساطة أو الجماعة”.
البابا ليو، الذي عاش سابقًا في دير النظام الأوغسطيني المجاور لساحة القديس بطرس لمدة 12 عامًا عندما كان رئيسًا عامًا للنظام، يقيم مؤقتًا في مبنى ساغريستيا إلى حين انتهاء أعمال التجديد. وهو معروف بتأكيده الدائم على أهمية العيش المشترك والتواصل الإنساني في حياة الرهبان.
إضافة إلى ذلك، أعاد البابا هذا الصيف تقليد قضاء الإجازة الصيفية في كاستل غاندولفو، المقر البابوي الصيفي، حيث أمضى عدة أيام خلال شهري يوليو وأغسطس، كما احتفل بالقداس مع أكثر من مئة مشرد وتناول معهم الغداء، قبل زيارته أحد المزارات الدينية في بلدة ألبانو القريبة، في تأكيد على استمراره في نهج القرب من المهمّشين.