صورة تعبيرية عن استخدام البيانات

في خطوة غير مسبوقة عالميًا، أعلنت البرازيل عن إطلاق برنامج تجريبي يمنح المواطنين حق ملكية بياناتهم الرقمية. يتيح هذا المشروع للمواطنين إدارة بياناتهم الشخصية والاستفادة منها ماليًا، مما يمثل سابقة تاريخية على مستوى الدول.

إشراف حكومي وشراكة مع شركات تقنية

يتم تنفيذ البرنامج تحت إشراف شركة داتابريف الحكومية، بالتعاون مع شركة درامويف الأميركية المتخصصة في تقييم البيانات وتحويلها إلى مصدر مالي. الهدف الرئيسي للبرنامج هو تحويل البيانات الرقمية، التي كانت تُعتبر مجرد مادة خام تستفيد منها الشركات الكبرى، إلى مصدر دخل مباشر للأفراد.

محفظة البيانات: خطوة جديدة نحو إدارة البيانات الشخصية

يتضمن المشروع إنشاء محفظة بيانات تُعرف باسم “dWallet“، وهي بمثابة حساب رقمي يتم تجميع البيانات فيه من خلال تعاملات الأفراد الرقمية. يمكن للمواطنين لاحقًا بيع هذه البيانات لشركات تجارية مقابل أموال تُحوّل مباشرة إلى حساباتهم البنكية. تعد هذه الخطوة تحولًا جذريًا في الاقتصاد الرقمي، حيث تضع الأفراد في قلب معادلة الربح من بياناتهم.

دور المشروع في تعزيز الشمول المالي

ترى الحكومة البرازيلية في هذا المشروع أداة هامة لتعزيز الشمول المالي، خاصة في ظل ازدياد أهمية البيانات الرقمية في الاقتصاد العالمي. ويُتوقع أن يشهد السوق الرقمي في البرازيل نموًا هائلًا، حيث تبلغ قيمته حاليًا حوالي 4 مليارات دولار، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 40 مليار دولار بحلول عام 2034.

الانتقادات والمخاوف: هل يساهم المشروع في تعميق الفجوة الرقمية؟

على الرغم من الفوائد المتوقعة، يُواجه المشروع بعض الانتقادات، خصوصًا من خبراء في مجال الخصوصية وحماية البيانات. تحذر هذه الفئة من أن تحويل البيانات إلى سلعة قد يعمق الفجوة الرقمية في بلد يعاني من ضعف الثقافة الرقمية وتدني مستوى الوصول إلى الإنترنت في بعض المناطق، خاصة الريفية منها.

القلق من استغلال الفئات الضعيفة

أشار بيدرو باستوس، الباحث في منظمة “خصوصية البيانات في البرازيل”، إلى أن 95% من الأميين الوظيفيين في البرازيل يفتقرون إلى المهارات الرقمية اللازمة للتعامل مع مثل هذه الأنظمة، مما قد يعرضهم لاستغلال الشركات، خاصة في حال ضغطت عليهم لبيع بياناتهم مقابل مبالغ زهيدة.

تشريعات جديدة لتعويض الأفراد عن استخدام بياناتهم

تجدر الإشارة إلى أنه قد تم تقديم مشروع قانون في البرلمان البرازيلي العام الماضي يقترح تصنيف البيانات الرقمية كـ “ملكية شخصية” ويُلزم الشركات بتعويض الأفراد ماديًا عن استخدام بياناتهم. هذه المبادرة قد تمنح البرازيل دورًا رياديًا في رسم ملامح سوق البيانات عالميًا.

التحديات في أميركا وأوروبا

بينما تتعثر مشاريع مشابهة في الولايات المتحدة وأوروبا بسبب تعقيدات قانونية وضغوط من شركات التكنولوجيا الكبرى، تبدو البرازيل تتقدم بثبات نحو تبني نموذج جديد للاقتصاد الرقمي، يضع المواطن في قلب معادلة الربح، بدلًا من أن يكون على هامشها.

ختامًا، يبدو أن البرازيل قد وضعت الأسس لنموذج اقتصادي جديد قد يكون له تأثير كبير على كيفية استخدام وإدارة البيانات الشخصية في المستقبل.

البحث