في ظل تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، برز تضارب واضح في التصريحات التي أدلى بها مسؤولو البلدين بشأن سير المفاوضات المتعلقة بالرسوم الجمركية. ففي الوقت الذي أعلن فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن وجود محادثات جارية مع نظيره الصيني شي جين بينغ، نفت بكين بشكل قاطع أي تواصل بين الزعيمين في الفترة الأخيرة، مما أدى إلى تعميق حالة الغموض وزيادة القلق في الأسواق المالية.
الصين تنفي: لا تواصل أو مفاوضات حالياً قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، قوه جيا كون، خلال مؤتمر صحفي يوم الاثنين، إن “الصين والولايات المتحدة لم تُجريا أي اتصالات رفيعة المستوى مؤخرًا”، مؤكدًا أن “لا توجد مشاورات أو مفاوضات جارية بشأن الرسوم الجمركية”. جاء هذا التصريح ردًا على تأكيدات ترامب في مقابلة مع مجلة “تايم” بأنه تلقى اتصالاً من الرئيس الصيني.
يبدو أن النفي الصيني يعكس رغبة في تجنب التصعيد، لكنه في الوقت ذاته يكشف عن فجوة كبيرة في وجهات النظر بين الجانبين فيما يتعلق بتقدم المفاوضات التجارية.
اختلاف في روايات المسؤولين الأميركيين زاد الغموض نتيجة للتصريحات المتناقضة من مسؤولين في إدارةالحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة ترامب يوم الأحد. حيث أكد وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت أن محادثاته مع نظيره الصيني في الاجتماعات الأخيرة لم تتطرق إلى موضوع الرسوم الجمركية، مشيرًا إلى أن النقاشات كانت تركز على قضايا مثل الاستقرار المالي العالمي وآليات التحذير المبكر من المخاطر الاقتصادية. وفي المقابل، أفادت وزيرة الزراعة الأميركية بروك رولينز بأن الولايات المتحدة “تجري محادثات يومية مع الصين” بشأن القضايا التجارية، إلى جانب أكثر من مئة دولة أخرى.
هذا التناقض بين التصريحات أثار شكوك المحللين حول حقيقة المفاوضات بين بكين وواشنطن، أو ما إذا كانت الإدارة الأميركية تسعى لإظهار تقدم سياسي واقتصادي داخلي.
ترامب يصر على موقفه رغم التناقضات وسط هذه التصريحات المتضاربة، يواصل الرئيس ترامب التأكيد على أن هناك محادثات جارية مع الصين، رغم النفي المتكرر من بكين. وكان ترامب قد أعلن في وقت سابق عن فرض رسوم جمركية إضافية على عدد من الدول، بما في ذلك الصين، مما تسبب في اضطراب واسع في الأسواق المالية وتراجع ثقة المستثمرين بالأصول الأميركية.
وتبدو التصريحات المتناقضة جزءًا من استراتيجية ترامب التفاوضية التي تهدف إلى إبقاء خصومه التجاريين في حالة من الترقب والضغط، رغم أن ذلك يؤدي إلى زيادة حالة عدم اليقين في الأسواق.
حرب تجارية مفتوحة مع احتمالات معقدة تمر العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين حاليًا بواحدة من أكثر مراحلها توترًا منذ بداية الحرب التجارية بينهما في 2018. ورغم المحاولات المستمرة لإبرام اتفاقات مرحلية، فإن الخلافات ما زالت مستمرة حول قضايا مثل حقوق الملكية الفكرية، الدعم الصناعي، والميزان التجاري.
وقد أشار سكوت بيسنت إلى أن المفاوضات مع الصين ستكون صعبة، لافتًا إلى أن التوصل إلى اتفاق قد يستغرق شهورًا، لكنه لم يستبعد إعلان اتفاق مبدئي قريب قد يخفف من تصاعد الرسوم الجمركية.
الأسواق في حالة ترقب والمخاوف تتزايد وسط هذه التصريحات المتضاربة، تظل الأسواق المالية العالمية في حالة من الترقب الحذر، حيث أن غياب الوضوح بشأن المفاوضات التجارية لا يؤثر فقط على حركة الأسهم والعملات، بل يهدد أيضًا استقرار سلاسل التوريد العالمية ويزيد من المخاوف بشأن احتمال حدوث ركود اقتصادي، خاصة مع استمرار الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.
في الوقت الذي تحاول فيه الشركات العالمية التكيف مع بيئة تجارية غير مستقرة، يترقب الجميع ما ستسفر عنه الأيام المقبلة من تصريحات جديدة من واشنطن وبكين، وسط تساؤلات حول ما إذا كان سيتم تحقيق انفراجة حقيقية أم ستستمر التوترات في التصاعد.