توصل فريق من العلماء إلى أن حمض اللينوليك، وهو نوع من الدهون المتعددة غير المشبعة الموجود في الزيوت النباتية، قد يساهم في تسريع نمو أحد أخطر أنواع سرطان الثدي، المعروف بالسرطان الثلاثي السلبي، عبر تفعيل مسار بيولوجي معين داخل الخلايا.
الدراسة، التي أجراها باحثون من كلية طب وايل كورنيل، ركزت على هذا الحمض الدهني الموجود بوفرة في زيوت مثل الصويا وعباد الشمس والذرة، وكذلك في بعض المنتجات الحيوانية مثل البيض ولحم الخنزير. وبيّنت النتائج أن حمض اللينوليك يرتبط ببروتين يسمى FABP5، مما يؤدي إلى تنشيط مسار mTORC1، المعروف بدوره في تنظيم نمو الخلايا واستقلابها، وهو ما يعزز نمو الأورام السرطانية من النوع الثلاثي السلبي تحديدًا، حيث تكون مستويات هذا البروتين مرتفعة.
هذا النوع من سرطان الثدي يصنّف على أنه من الأنواع الأكثر تعقيدًا في العلاج، لافتقاره إلى المستقبلات الهرمونية التي تستهدفها العلاجات التقليدية. وقد لاحظ الباحثون أن تأثير حمض اللينوليك لا يظهر في الأنواع الأخرى من سرطان الثدي، ما يجعل من هذا الاكتشاف خطوة نحو فهم أكثر دقة للعلاقة بين النظام الغذائي ونمو بعض السرطانات.
الدكتور جون بلينيس، كبير الباحثين في الدراسة، أوضح أن هذه النتائج تسلط الضوء على كيفية تأثير نوعية الدهون في الطعام على تطور المرض، كما تفتح الباب أمام استراتيجيات علاجية وتغذوية أكثر تخصيصًا لمرضى السرطان.
يُشار إلى أن استهلاك حمض اللينوليك في الأنظمة الغذائية الغربية ازداد بشكل ملحوظ منذ منتصف القرن الماضي، نتيجة الاعتماد المتزايد على الزيوت النباتية في تحضير الأطعمة المصنعة والمقلية. ورغم ذلك، لم تكن هناك أدلة واضحة تربط بين هذا الحمض ونمو الأورام حتى الآن.
ولتحقيق فهم أعمق، أجرى الفريق تجارب على نماذج من الخلايا والفئران، حيث تبين أن اتباع نظام غذائي غني بحمض اللينوليك أدى إلى ارتفاع مستويات FABP5، وتفعيل مسار mTORC1، وبالتالي تسارع في نمو الأورام.
كما رصد الباحثون وجود نسب مرتفعة من حمض اللينوليك وبروتين FABP5 في عينات الدم وأورام مرضى تم تشخيصهم مؤخرًا بسرطان الثدي الثلاثي السلبي، ما يعزز فرضية وجود صلة مباشرة بين هذا الحمض الغذائي وتطور المرض.
وتُعد هذه الدراسة الأولى من نوعها التي تكشف عن آلية بيولوجية واضحة تربط بين حمض اللينوليك وخطر الإصابة بهذا النوع من السرطان. كما أن الفريق البحثي بدأ بدراسة إمكانية وجود تأثير مشابه لهذا المسار في سرطانات أخرى، مثل سرطان البروستات.