تُعرف الفوائد الصحية للسردين والأسماك الدهنية على نطاق واسع، إذ يساهم محتواها الغني بالدهون غير المشبعة في تنظيم مستويات الكولسترول والوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية. غير أنّ فوائد السردين لا تتوقف عند هذا الحد، بل تمتد لتشمل الوقاية من أمراض مزمنة عدة بفضل احتوائه على عناصر غذائية أساسية، مثل التورين، وأحماض أوميغا 3، والكالسيوم، وفيتامين د.
ويساهم تناول السردين بانتظام في تحسين مؤشرات صحية متعددة، من بينها خفض الدهون الثلاثية وضبط ضغط الدم، إلى جانب المساعدة في تنظيم مستويات السكر في الدم، نظراً لاحتوائه على بروتين عالي الجودة وأحماض أوميغا 3 الدهنية، التي تعزز حساسية الإنسولين وتخفف الالتهابات المرتبطة بارتفاع السكر.
ما السردين؟
السردين سمك زيتي صغير الحجم، يمكن تناوله طازجاً أو معلباً في الزيت أو صلصة الطماطم. وينتمي إلى عائلة الرنجة، ويتميّز بقيمته الغذائية العالية، إذ يحتوي على نسبة مرتفعة من الدهون المتعددة غير المشبعة (PUFA)، إضافة إلى الكالسيوم والحديد والمغنيسيوم والبوتاسيوم والفوسفور، فضلاً عن فيتامين «د» وفيتامين «ب 12».
وتشير البيانات الغذائية إلى أن كل 100 غرام من السردين المطبوخ تحتوي على نحو 382 ملغم من الكالسيوم، أي ما يعادل 38 في المائة من الكمية اليومية الموصى بها، إلى جانب 2.9 ملغم من الحديد، و490 ملغم من الفوسفور، و8.9 ميكروغرام من فيتامين «ب 12»، وهي عناصر تدعم صحة العظام وتكوين خلايا الدم الحمراء ووظائف القلب والأوعية الدموية.
السردين والسكري
أظهرت دراسة أجرتها ديانا دياز ريزولو، المحاضِرة والباحثة في كلية العلوم الصحية بجامعة كاتالونيا المفتوحة، أن الاستهلاك المنتظم للسردين قد يساهم في الوقاية من داء السكري من النوع الثاني. وأجريت الدراسة على مشاركين تبلغ أعمارهم 65 عاماً فأكثر، مع تأكيد الباحثين إمكانية تعميم النتائج على فئات عمرية أخرى.
وبيّنت الدراسة أن العناصر الغذائية المتوافرة بكثرة في السردين، مثل التورين وأوميغا 3 والكالسيوم وفيتامين د، تلعب دوراً محورياً في الحد من خطر الإصابة بالسكري. وقالت ريزولو: «لا يقتصر السردين على كونه طعاماً ميسور التكلفة وسهل الحصول عليه، بل إنه آمن ويساعد على الوقاية من داء السكري من النوع الثاني، ما يجعله خياراً سهلاً للتوصية به خلال الفحوصات الطبية».
علبتان أسبوعياً تُحدثان فرقاً
شملت الدراسة 152 مريضاً من كبار السن المصابين بمقدمات السكري، وخضعوا جميعاً لبرنامج غذائي يهدف إلى تقليل خطر تطور المرض. إلا أن مجموعة واحدة فقط أضافت 200 غرام من السردين أسبوعياً إلى نظامها الغذائي (علبتان من السردين في زيت الزيتون). ونُصح المشاركون بتناول السردين كاملاً، بما في ذلك العظام، نظراً لغناها بالكالسيوم وفيتامين د.
وأظهرت النتائج أن نسبة المعرضين لخطر الإصابة بالسكري انخفضت بشكل ملحوظ لدى المجموعة التي تناولت السردين، مقارنة بالمجموعة الأخرى، إلى جانب تحسن مؤشرات حيوية مهمة، مثل انخفاض مقاومة الإنسولين، وارتفاع الكولسترول الجيد (HDL)، وانخفاض الدهون الثلاثية وضغط الدم.
الغذاء الوقائي… لا المكملات
تشدد الدراسة على أن التأثير الوقائي للسردين يعود إلى تكامل عناصره الغذائية داخل الغذاء نفسه، وليس إلى تناول هذه العناصر على شكل مكملات غذائية منفصلة. وأوضحت ريزولو أن «العناصر الغذائية تعمل بتآزر داخل الطعام، ما يمنح السردين قيمة وقائية حقيقية، في حين لا تحقق المكملات الغذائية المنفردة الأثر نفسه».
وبذلك، يبرز السردين كخيار غذائي بسيط، لكنه غني بالفوائد، وقادر على لعب دور فعّال في الوقاية من أمراض مزمنة، وفي مقدمتها داء السكري من النوع الثاني.