في زيارة وُصفت بالتاريخية، وصل الرئيس السوري أحمد الشرع، السبت، إلى الولايات المتحدة في أول زيارة رسمية لرئيس سوري إلى واشنطن منذ استقلال البلاد عام 1946، وفق ما أفادت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا). وتأتي الزيارة بعد يوم واحد فقط من قرار واشنطن إزالة اسم الشرع من قوائم الإرهاب، في خطوة تعكس تحولاً نوعياً في العلاقات بين البلدين.
ومن المقرر أن يلتقي الشرع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض لبحث ملفات التعاون الأمني والسياسي، وسط ترقّب واسع لما قد تحمله الزيارة من تحولات إقليمية. وكانت واشنطن قد رفعت العقوبات عن الشرع غداة قرار مماثل من مجلس الأمن الدولي، ما مهّد الطريق أمام استئناف الاتصالات المباشرة بين العاصمتين بعد عقود من القطيعة.
ويتوقع أن تُوقّع دمشق خلال الزيارة اتفاقاً للانضمام إلى التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» الذي تقوده الولايات المتحدة، بحسب ما أعلن المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم براك. ويُذكر أن التحالف الدولي كان قد أعلن هزيمة التنظيم عسكرياً في سوريا عام 2019، بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تخوض حالياً مفاوضات للاندماج في الجيش السوري.
وفي موازاة ذلك، أفاد مصدر دبلوماسي لوكالة «فرانس برس» بأن الولايات المتحدة تعتزم إنشاء قاعدة عسكرية قرب دمشق، في مؤشر إضافي على إعادة رسم معادلات النفوذ الميداني في سوريا.
وتسعى دمشق، التي أنهكتها حرب مدمّرة استمرت 14 عاماً، إلى تأمين تمويلات ضخمة لإعادة الإعمار تُقدّر بنحو 216 مليار دولار، وفق البنك الدولي. ويرى مراقبون أن التقارب مع واشنطن قد يشكل بوابة لعودة سوريا إلى المنظومة الدولية بعد سنوات من العزلة.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية تومي بيغوت إن «هذه التدابير تأتي في إطار الإقرار بالتقدم الذي تظهره القيادة السورية بعد رحيل بشار الأسد، ونهاية أكثر من نصف قرن من القمع في ظل نظام عائلة الأسد».
ومن المنتظر أن يتناول اللقاء بين الشرع وترامب المفاوضات بين سوريا وإسرائيل، في ظل دعوة ترامب في مايو الماضي للرئيس السوري إلى الانضمام إلى الاتفاقات الإبراهيمية. وكان الشرع قد أعلن في سبتمبر أن المباحثات الجارية مع تل أبيب تهدف إلى التوصل لاتفاق أمني تنسحب بموجبه إسرائيل من مناطق في الجنوب السوري تقدمت إليها بعد سقوط الأسد، مقابل وقف الغارات الجوية الإسرائيلية على الأراضي السورية.
وبينما تتكثف الغارات الإسرائيلية على سوريا منذ ديسمبر الماضي من دون ردّ رسمي من دمشق، يبدو أن الشرع يسعى من خلال زيارته إلى واشنطن إلى تثبيت موقع بلاده بين موسكو وواشنطن، في محاولة لإعادة تموضع دبلوماسي يُنهي عزلة سوريا الطويلة ويعيدها إلى المسرح الدولي.