زار الرئيس السوري أحمد الشرع البيت الأبيض والتقى نظيره الأميركي دونالد ترامب، في أوّل زيارة لرئيس سوري إلى واشنطن منذ استقلال سوريا عام 1946، في محطة تُعدّ مفصلية ضمن مسار الانفتاح الدولي على دمشق بعد سنوات الحرب والعقوبات.
اللقاء، الذي يأتي بعد اجتماعين سابقين بين الطرفين في الرياض ونيويورك خلال العام نفسه، خُصّص بمعظمه للملف الاقتصادي، وخصوصاً العقوبات الأميركية وفي مقدّمها “قانون قيصر”. وبحسب ما نقلته وكالة “سانا”، شدّد الشرع خلال لقاء مع منظمات سورية في واشنطن على أن “العقوبات في مراحلها الأخيرة”، مؤكداً ضرورة متابعة الجهود لرفعها بشكل كامل، والاعتماد على السوريين في الداخل والخارج في مرحلة إعادة الإعمار.
وكان ترامب أصدر في 30 يونيو الماضي أمراً تنفيذياً بإنهاء برنامج العقوبات، ليتبعه تصويت في مجلس الشيوخ على إلغاء “قانون قيصر”. ويُنتظر حالياً مصادقة مجلس النواب قبل أن يصبح الإلغاء نافذاً بعد توقيع الرئيس.
وتعوّل دمشق على هذه الخطوة لإعادة تنشيط الاقتصاد، إذ تتجاوز تقديرات البنك الدولي لكلفة إعادة الإعمار 216 مليار دولار، تشمل أضراراً واسعة لحقت بالمباني والبنى التحتية خلال 14 عاماً من النزاع. وبحسب البنك، تشكل هذه الكلفة نحو عشرة أضعاف الناتج المحلي السوري لعام 2024، ما يعكس حجم التحدي.
وفي موازاة الجهود الدبلوماسية، يواصل الشرع الدفع باتجاه استقطاب استثمارات خارجية. فقد أعلن الشهر الماضي، خلال مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار “FII” في الرياض، أن سوريا استقطبت خلال ستة أشهر استثمارات تفوق 28 مليار دولار، لافتاً إلى اهتمام شركات خليجية وأميركية كبرى بفرص الاستثمار في البلاد.
وأشار الشرع إلى أن القوانين السورية الجديدة تمنح المستثمرين ضمانات واسعة، بما فيها حق اللجوء إلى المحاكم الدولية، مؤكداً أن الاستقرار الاقتصادي هو المدخل إلى استقرار سوريا السياسي والاجتماعي.
وتنسجم هذه المقاربة مع موقف إدارة ترامب، إذ أكّد متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية أن واشنطن “ترحّب بأي استثمار يدعم فرص السوريين في بناء دولة يسودها السلام والازدهار”، في إشارة إلى انفتاح مرتقب على مرحلة ما بعد العقوبات.
وبينما يُنتظر القرار النهائي للكونغرس بشأن “قانون قيصر”، تبقى الأنظار على نتائج لقاء البيت الأبيض وما إذا كان سيمهّد لعودة أوسع للحضور الاقتصادي الدولي داخل سوريا التي تبحث عن طريق طويل بين إعادة الإعمار واستعادة موقعها الاستثماري في المنطقة.