توصل فريق من علماء الكواكب الأوروبيين إلى أن المريخ خسر كميات هائلة من الماء على مدار تاريخه بسبب تغيرات دورية في زاوية ميل محور دورانه. وأظهرت دراسة نُشرت في مجلة Nature Astronomy أن هذه الزاوية، عندما ترتفع، تؤدي إلى تسارع كبير في فقدان ذرات الهيدروجين من الغلاف الجوي للكوكب، ما يؤدي بدوره إلى فقدان الماء بمعدل يفوق المعدلات الحالية بعشرات المرات.
وأوضح الباحثون أنهم لا يستطيعون تحديد حجم المياه المفقودة بدقة، إلا أن تسرب الهيدروجين من الغلاف الجوي لعب دورًا محوريًا في هذه العملية. فقد بيّنت النماذج أن فترات ارتفاع زاوية ميل المحور اقترنت بزيادة في معدلات فقدان الهيدروجين تجاوزت عشرة أضعاف، مقارنة بما يحدث اليوم.
قاد الدراسة فريق من معهد الفيزياء الفلكية في غرناطة، بإشراف الباحثة غابرييلا جيلي، حيث استخدموا نموذجًا ثلاثي الأبعاد عالي الدقة لمحاكاة مناخ المريخ وغلافه الجوي. هذا النموذج سمح بتقدير دقيق لوتيرة “الهروب” الجوي لذرات الهيدروجين والأيونات تحت تأثير الرياح الشمسية.
وجاء هذا البحث كرد على تناقض سابق بين القياسات التي أجراها مسبارا MAVEN وإكسو مارس TGO، والتي أظهرت معدلات هروب مائي أقل مما تشير إليه الأدلة الجيولوجية. ما دفع العلماء للافتراض أن معدل فقدان الهيدروجين كان أعلى بكثير في فترات سابقة.
واستنادًا إلى هذه الفرضية، درس الباحثون عدد مرات وصول جزيئات الماء إلى الطبقات العليا من الغلاف الجوي، حيث تتفكك إلى هيدروجين وأكسجين يمكنهما الهروب إلى الفضاء. وتبين أن زاوية ميل محور المريخ تلعب دورًا حاسمًا في هذه العملية؛ فكلما ارتفعت، زادت كمية الغبار في الجو، ما يعزز امتصاص أشعة الشمس ورفع حرارة الغلاف الجوي، وبالتالي تسريع فقدان الهيدروجين والأكسجين.
وأشار العلماء إلى أن ميل محور المريخ يتغير دوريًا بنطاق واسع، يصل أحيانًا إلى 35-40 درجة، مقارنة بـ25 درجة حاليًا. وفي تلك الفترات، كانت معدلات فقدان الهيدروجين أعلى بما يتراوح بين 10 و100 مرة من المعدلات الحالية، ما أدى إلى تبخر كميات من المياه تعادل تغطية الكوكب بطبقة مائية بسمك 80 مترًا.