كشف فريق من العلماء أن الأنظمة الغذائية الغنية بالدهون غير الصحية، الشائعة في الأطعمة المصنعة، قد تعرّض خلايا الكبد لإجهاد مزمن يهيئها للإصابة بالسرطان.
وأوضح الباحثون أن هذا الإجهاد يدفع الكبد إلى الدخول في وضع «البقاء»، حيث تتراجع قدرته على أداء وظائفه الأساسية مثل تنقية الدم، ومعالجة العناصر الغذائية، والتخلص من السموم، وينشغل فقط بمواجهة الضغط الناتج عن النظام الغذائي السيئ. ومع مرور الوقت، تعود خلايا الكبد إلى حالة بدائية تشبه الخلايا الجنينية، ما يجعلها أكثر قابلية للنمو السريع، لكنها أقل كفاءة في أداء وظائفها الحيوية.
وأظهرت دراسة أجراها باحثون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة هارفارد على الفئران أن هذا الإجهاد الغذائي يؤدي إلى إعادة برمجة تدريجية لخلايا الكبد على مدى 15 شهراً. وبعد ستة أشهر فقط، بدأت الخلايا المجهدة في الاستعداد للتحول السرطاني، إذ انفتحت مناطق في الحمض النووي تتحكم في نمو الخلايا، واضعة التعليمات الجينية المرتبطة بالسرطان في حالة استعداد مبكر، قبل سنوات من ظهور الورم.
وللتحقق من انطباق هذه النتائج على البشر، حلّل العلماء عينات كبد من مرضى يعانون من مرض الكبد الدهني المرتبط باضطراب الأيض (MASLD) في مراحل مختلفة، من بينهم أشخاص أُصيبوا لاحقاً بسرطان الخلايا الكبدية. وأظهرت التحاليل وجود أنماط مماثلة من إعادة البرمجة الخلوية، مع ارتباط قوة هذه المؤشرات الجزيئية بارتفاع خطر الإصابة بالسرطان خلال فترة تتراوح بين 10 و15 عاماً.
ويُعد سرطان الخلايا الكبدية أكثر أنواع سرطان الكبد شيوعاً، وغالباً ما يصعب اكتشافه في مراحله المبكرة بسبب قلة الأعراض. وقد تشمل العلامات الأولى فقدان الوزن غير المبرر، أو فقدان الشهية، أو الشعور بالامتلاء بعد تناول كميات قليلة من الطعام. ومع تقدم المرض، قد تظهر أعراض مثل اليرقان، والتعب، والغثيان، وسهولة النزف أو الكدمات، وانتفاخ البطن نتيجة تراكم السوائل.
وتخلص الدراسة إلى أن الإجهاد الغذائي طويل الأمد قد يهيئ الكبد للإصابة بالسرطان قبل ظهور أي أورام واضحة، ما يسلّط الضوء على أهمية تقليل استهلاك الدهون المشبعة والأطعمة المصنعة، ومراقبة صحة الكبد بانتظام، لا سيما لدى الأشخاص المعرضين للخطر مثل المصابين بمرض الكبد الدهني المزمن أو التهاب الكبد أو تليف الكبد.