رغم التهديدات الأميركية بفرض عقوبات اقتصادية، أكّدت الحكومة الهندية أنها ستواصل استيراد النفط من روسيا، مستفيدة من التخفيضات الكبيرة التي توفرها موسكو منذ اندلاع الحرب على أوكرانيا.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين هنود قولهم إن الهند غير معنية حاليًا بالتوقف عن شراء النفط الروسي، رغم تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي ألمح فيها إلى أن نيودلهي قد توقف وارداتها ضمن صفقة تجارية محتملة مع واشنطن.
وقال ترامب للصحافيين في البيت الأبيض: “على حد علمي، لن تشتري الهند النفط من روسيا بعد الآن. هذا ما سمعته. لا أعلم مدى دقة ذلك”. لكنه عاد وأعلن عن فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على المنتجات الهندية بدءًا من 1 أغسطس، في تصعيد اقتصادي لافت ضمن مفاوضات تجارية أكثر شمولاً.
الهند أكبر مستفيد من العقوبات
في ظل العقوبات الغربية على موسكو، برزت الهند كأكبر مشترٍ للنفط الروسي المنقول بحرًا، مستغلة الأسعار المخفّضة، حيث بلغ حجم وارداتها اليومية من روسيا أكثر من مليوني برميل، أي ما يعادل 45% من مجمل وارداتها النفطية، بحسب تقارير مطلعة.
ووفقًا لبيانات نشرتها الصحيفة، فقد بلغت قيمة تجارة النفط بين نيودلهي وموسكو خلال العامين الماضيين نحو 275 مليار دولار، وهو ما ساهم في تعزيز الاقتصاد الهندي وحماية الروبية المحلية، بفضل كلفة الاستيراد المنخفضة.
مودي في موقف حرج
التصعيد الأميركي يضع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أمام معادلة صعبة: إما الحفاظ على المكاسب الاقتصادية التي تحققها بلاده من النفط الروسي، أو إرضاء واشنطن تفاديًا للمزيد من العقوبات التجارية. ويسعى ترامب لسد العجز التجاري البالغ 44 مليار دولار مع الهند، بينما تأمل نيودلهي بزيادة صادراتها إلى أميركا وشراء الغاز الأميركي كبديل جزئي.
علاقات تاريخية في ميزان المصالح
تاريخيًا، تجمع روسيا والهند علاقات تجارية وثيقة، وخصوصًا في مجال الطاقة، إذ تعتمد نيودلهي بشكل كبير على الاستيراد، بينما تملك موسكو فائضًا في الإنتاج.
ورغم محاولة الأسواق الأوروبية خنق صادرات روسيا، إلا أن نيودلهي وجدت في ذلك فرصة لتعزيز أمنها الطاقوي وزيادة صادراتها من المنتجات النفطية المكررة، بما فيها الديزل الذي يُعاد تصديره أحيانًا إلى أوروبا نفسها.
في ظل هذه المعادلة المعقدة، يبدو أن نيودلهي ستحاول الموازنة بين تحالفاتها الاستراتيجية ومصالحها الاقتصادية، خصوصًا في وقت تُعتبر فيه الاقتصاد الأسرع نموًا في العالم، وتنافس فيه اليابان وألمانيا من حيث الحجم.