صاروخ في رحلة إلى الفضاء (أرشيفية فرانس برس)

في تطوّر قد يعيد رسم ملامح المستقبل الفضائي، كشفت تقارير حديثة عن مشروع سري تقوده وكالة الفضاء الأوروبية (ESA) بالتعاون مع وكالة الفضاء الفرنسية (CNES)، يهدف إلى استخدام الهيدروجين كوقود رئيسي لدفع حدود الاستكشاف الفضائي.

الهيدروجين، هذا العنصر الخفيف والوفير، قد لا يبقى محصوراً في كوكب الأرض، بل يصبح أساساً لانطلاقات فضائية متقدمة.

المشروع الذي يحمل اسم “Hyguane” تبلغ ميزانيته نحو 40.5 مليون يورو، ويُنفّذ في مركز غويانا الفضائي. وقد تم تطوير منشآت متقدمة لإنتاج الهيدروجين الأخضر عبر التحليل الكهربائي للماء باستخدام الطاقة الشمسية، ما يُتيح تقليص انبعاثات الكربون بنحو 3000 طن سنوياً.

أنشئت مزرعة شمسية خاصة لتوفير 12% من الهيدروجين اللازم لتشغيل المشروع، والذي يخدم تسع رحلات فضائية سنوياً.

ومن المقرر أن تكتمل أحدث منشآت الإنتاج في عام 2026، في خطوة تدعم التحول إلى الطاقات النظيفة ضمن قطاع الفضاء.

المفاجأة أن المشروع السري الذي تستند إليه هذه البنية التحتية هو صاروخ “أريان 6″، أحد أقوى وأحدث الصواريخ الأوروبية، والمصمم لحمل أقمار صناعية ومهمات متعددة في إطلاق واحد. الصاروخ يعمل بمحرك “Vulcain 2.1” الذي يحرق الهيدروجين السائل مع الأكسجين، مولّداً قوة دفع تصل إلى 138 طناً، قادرة على تجاوز جاذبية الأرض خلال الدقائق الأولى من الإقلاع.

أما المرحلة العليا للصاروخ فمزودة بمحرك “Vinci” الذي يتميز بإمكانية إعادة التشغيل حتى أربع مرات، لتوزيع الحمولات في مدارات مختلفة ثم العودة إلى الأرض دون ترك أي حطام فضائي.

صُمّمت خزانات الوقود من مزيج خفيف يجمع بين الألمنيوم والليثيوم، مما يُخفف وزن الصاروخ ويُحسّن كفاءته. كما يتميز هيكله الخارجي بمتانته وخفته، بفضل المواد المركّبة من ألياف الكربون والزجاج.

المثير في هذا التقدّم أن الهيدروجين لم يعد مجرد وقود نظيف على الأرض، بل بات أساساً لصناعة الفضاء النظيفة. المشروع يمهّد لتحول كبير نحو الطاقة المتجددة في قطاع معروف سابقًا بانبعاثاته العالية، ما يعكس توجهاً جديداً نحو استدامة الكوكب… وما بعده.

الهيدروجين يغادر الأرض، لا كهروب من الواقع، بل كبوابة نحو مستقبل كوني أقل تلويثاً وأكثر ابتكاراً.

البحث